«الجزيرة» - عبدالله الرفيدي:
كشفت سلسلة بحثية جديدة أجرتها شركة معلومات السوق العالمية سافانتا لصالح بنك باركليز الخاص بعنوان «التعاقب الأذكى: تحديات وفرص نقل الثروة بين الأجيال»، أن بناء الثقة والتفاهم بين الأجيال سيكون عاملاً جوهرياً لضمان انتقال الثروة بين أجيال العائلات ذات الملاءة المالية العالية في السنوات القادمة، وخاصةً في ظل الضغوط التي شهدتها الشركات والاستثمارات مع انتشار مرض كوفيد - 19.
ويتوزع 25 ألف فرد تقريباً من أصحاب الملاءة المالية العالية في أوروبا وأفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، ومن المتوقع أن يقوموا بنقل 15 تريليون دولار أمريكي إلى الجيل القادم بحلول عام 2030*، إذ يأتي نقل الثروات على رأس أولويات العديد من العائلات الثرية.
وكشف التقرير أن كبار أفراد العائلات ذات الملاءة المالية العالية في مختلف أنحاء العالم لديهم مخاوف بشأن نقل إدارة أعمالهم واستثماراتهم وقدرة الجيل التالي والتزامه بإدارة أصول العائلة. ومن جهة أخرى، تؤدي هذه المخاوف بالنسبة لجيل الشباب إلى شعور البعض بأنهم أقل استعداداً لتولي المسؤولية رغم شعورهم بالمسؤولية للحفاظ على إرث الأسرة.
كما أظهر التقرير أن الجيل الجديد من أصحاب الملايين في المملكة العربية السعودية يشعر بالتزام كبير تجاه الإرث العائلي، وكما هو الحال في كل من قطر والإمارات العربية المتحدة، حيث كشفت الإحصائيات أن المشاركين من منطقة الشرق الأوسط يولون قيمة عالية لترك إرث إيجابي، ما يعكس طبيعة الثقافة المجتمعية في المنطقة وأهمية حماية وتعزيز اسم العائلة.
ويعتمد التقرير على استطلاع لآراء أكثر من 400 فرد من ذوي الملاءة المالية العالية التي لا تقل عن 5 ملايين جنيه إسترليني، ومقابلات مُعمقة مع 20 عائلة ذات ملاءة مالية عالية وخبراء الخدمات المصرفية والوسطاء المرتبطين بهم إلى جانب تحليل سلوكي مستقل.
منشئو الثروة يلتزمون الحذر عند تسليم الشركة العائلية
أظهرت سلسلة أبحاث التعاقب الأذكى لبنك باركليز الخاص أن 57 في المئة من منشئي الثروة بين العائلات ذات الملاءة المالية العالية في مختلف أنحاء العالم يعتقدون أن جيل الشباب (من تتراوح أعمارهم بين 24 و39 عاماً) ليسوا مؤهلين لتولي المسؤولية في الوقت الراهن، وكشفت أن 40 في المئة منهم في منطقة الشرق الأوسط وحدها و63 في المئة في سائر أنحاء العالم يعتقدون أن جيل الألفية غير ملتزم بالحفاظ على الثروة.
ويشعر أفراد الجيل الأكبر سناً أن هويتهم الشخصية مرتبطة بنجاحات شركاتهم، حيث غالباً ما يكون لديهم سلطة فردية على توجه الأعمال والاستثمارات، لذا يلتزم معظمهم 67 في المئة الحذر مخافة التراجع ويشعرون بالقلق حول مدى ميل الجيل التالي للمجازفة بشكل أكبر. ويشير التقرير إلى اعتقاد سائد بميل الأجيال الشابة للمخاطرة عموماً وبخاصة في المملكة العربية السعودية.
وحدد التقرير أن المسارات التعليمية العالمية التي اتبعها القسم الأكبر من جيل الشباب تعد عاملاً رئيسياً لتباين مستويات الميل نحو المخاطرة بين الأجيال، حيث يحمل 51 في المئة من جيل الألفية درجة الماجستير أو أعلى منها مقارنة مع 23 في المئة فقط من أفراد الجيل الأكبر سناً، فضلاً عن حصيلتهم من التجارب التعليمية والثقافية المتنوعة التي تدفعهم لطرح وجهات نظر جديدة في المناقشات العائلية، وبالتالي من المرجح أن يرغبوا في تغيير توجه الشركة العائلية. وأفاد 58 في المئة من المشاركين من أفراد العائلة من جميع الأجيال بأن هذه النظرة المختلفة للحياة قد سببت بعض التوتر بينهم.
وبطبيعة الحال، تتشارك العديد من العائلات ملكية بعض الشركات بين الأجيال المختلفة، ويحظى 41 في المئة من جيل الألفية بحصة الأقلية في ملكية شركات العائلة. لكن ذلك لا يعني بالضرورة مشاركتهم في التحكم في الشركة، حيث أكد 57 في المئة من كبار أفراد العائلة أنهم يحتفظون بدورهم كصناع القرار الوحيدين فيما يخص استراتيجية العمل.
«كوفيد - 19» ضغط أضافي على خطط نقل الثروة
عزز انتشار مرض كوفيد - 19 التحديات التي تواجهها الشركات، وبالتالي الضغط المترتب على العائلات بشأن تنظيم عملية انتقال الثروة بنجاح. لذا (38في المئة) من العائلات عمل على إعادة تقييم استراتيجيتها المالية بشكل جذري، وأفاد 70 في المئة بأن أهدافهم العامة في إدارة الثروات قد تغيرت، ما يدل على أن خطط نقل الثروة السائدة ستحتاج على الأرجح إلى إعادة النظر.
جيل الشباب يشعر بالمسؤولية للحفاظ على إرث العائلة
في ظل الظروف الحالية يشعر 45 في المئة فقط من أفراد جيل الألفية في مختلف أنحاء العالم بالاستعداد لتولي شركة العائلة، ويشعر 23 في المئة غيرهم بالتوتر بشأن الإرث العائلي. أما في دول مجلس التعاون الخليجي، فيجد 49 في المئة من المشاركين في الاستطلاع أنهم أكثر استعداداً لإدارة الشركة العائلية بفضل نشأتهم في بيئة مواتية. فيما يتوقع المشاركون من الإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية تولي زمام الأمور في شركة العائلة.
وكشف استطلاع الرأي عن شعور عام بالاستعداد لدى الشباب، حيث أفاد 78 في المئة من الأفراد الأصغر سناً بأنهم تلقوا تدريباً أثناء العمل، فيما حصل 71 في المئة على تعليم أكاديمي، وأشار 45 في المئة إلى الحصول على دعم عاطفي من أفراد العائلة. وبدورهم، كشف أبناء جيل الألفية في الخليج عن مشاركتهم بشكل كبير في مناقشة أعمال العائلة. وبالتالي، يحملون شعوراً قوياً بالالتزام والواجب تجاه هذا الإرث والشركة العائلية.
وذكر 94 في المئة من جيل الألفية على مستوى العالم أنهم يتوقعون تولي هذه المسؤولية في المستقبل، وأفاد 69 في المئة بأنهم يحملون إحساساً بالواجب لتطوير إرث العائلة، ما يدل على رغبتهم في تحمل مسؤولية أكبر وتطوير تجربتهم ومهاراتهم وعلاقاتهم الاستشارية للارتقاء بالعائلة ومصالحها التجارية نحو مستوى جديد من التطوير.
وفي هذا السياق، قال رحيم دايا، رئيس بنك باركليز الخاص في الشرق الأوسط: تواجه الشركات العائلية التي تحظى بإرث عريق في دول مجلس التعاون الخليجي تحديات جديدة نتيجة انتشار كوفيد - 19 وانخفاض أسعار النفط. بينما يتبنى المستثمرون الأثرياء نهجاً أكثر مرونة واهتماماً أكبر بالتكنولوجيا الرقمية، ويسعون لاستقطاب أحدث الأفكار والاستشارات المدروسة حول كيفية تنويع الثروة وإدارتها وتحقيق طموحاتهم المالية.
ويدفع انتشار مرض كوفيد - 19 العديد من الشركات العائلية إلى مراجعة أسلوبها في تمويل الاحتياجات الخاصة بالسيولة والاستمرارية والإرث. ما يعني زيادة مسؤوليتنا كمديرين للثروات تجاه عملائنا، حيث نحاول إعدادهم قدر الإمكان لهذه البيئة التشغيلية الجديدة بعد زوال المرض».
وبهذا الشأن، قال إيفي داتسون، الرئيس العالمي للمكاتب العائلية، بنك باركليز الخاص : «يحظى موضوع نقل الثروة بين الأجيال ببعد عاطفي لدى العائلات، وبات مؤخراً على رأس جدول الأعمال بسبب الضغوط التي شكلها كوفيد - 19. ومن المهم بالنسبة للعائلات إجراء حوار مفتوح وصادق حول أولوياتها واهتماماتها وبناء الثقة بين الأجيال. وبالنسبة لنا، فقد سمحت لنا درايتنا بأولويات العملاء واهتماماتهم بالعمل معهم لضمان استمرار إرثهم بالطريقة الأمثل للجميع. ويشكل وضع أسس حوكمة قوية ضمن مكتب العائلة أحد السبل التي تتيح للعائلات نقل الثروة من خلالها بنجاح بين الأجيال. وتلتزم العائلة بهوية تتطلع إلى المستقبل وتركز على بناء عالم أفضل لأجيال عديدة قادمة من خلال توضيح قيمها ومبادئ الاستثمار والإدارة وبناء رؤية مشتركة للمستقبل».