فيصل خالد الخديدي
يُعتبر المرسم للفنان متنفسه ومساحته المفضلة التي يجد فيها بوحه، وتنتشي به روحه، وتحضر فيه إبداعاته، بل هي معمل ومختبر أبحاثه لنضوج تجاربه، وخروج أفكاره متجسدة أمامه على أرض الواقع. وتطور الأمر كثيرًا عند الفنانين في أدوار المرسم أو المعمل الفني إلى أكثر من ذلك؛ فأصبح استديو لعرض أعماله، واستقبال ضيوفه، وتسويق أعماله من خلاله. وتفانى وتفنن عدد من الفنانين في تجهيز بيئة المرسم أو معمله الفني؛ لتناسب قضاء معظم وقته فيه، سواء كان بمنزله، أو بملحق به، أو حتى في مكان مستقل؛ وهو ما يبرز أهمية المرسم أو المعمل الفني للفنانين بمختلف المستويات.
وأمام أهمية المراسم والمعامل الفنية لكل فنان، وتجاوز كونها حاجة فردية إلى ضرورة مجتمعية، واستثمار اقتصادي معرفي، يتوافق مع توجهات الرؤية السعودية الطموحة2030 في استثمار الفنون واقتصاديات المعرفة، يبرز العديد من التطلعات لمشروع تعاون بين أكثر من جهة حكومية أو خاصة - على سبيل المثال لا الحصر بين أمانات المناطق والمحافظات ووزارة الثقافة - في تبني مشروع (مرسم لكل فنان)، يتم إنشاؤها في الحدائق أو المناطق العامة بشكل وتصميم موحد، يخدم الفنانين في تقديم منجزاتهم، ووفق مواصفات وخدمات تناسب الهدف من المراسم، وتشكل واجهة حضارية، وتجمع أكبر عدد من الفنانين في مكان واحد، أو أكثر من مكان، على حسب حجم وإمكانات المحافظة والمنطقة. وبحصول ذلك في كل محافظة أو منطقة يتحقق التعريف بثقافة وفنون المنطقة، وتسويق أعمال الفنانين، ونشر ثقافة الأعمال الفنية والفنون، وتسويقها.
كما أن إحياء القصور التاريخية والأثرية بتخصيص جزء منها مراسم للفنانين المميزين في المدينة يجعل الفن حاضرًا، وأكثر فاعلية وقربًا من المجتمع والزوار والسياح، ويحقق شيئًا من الانتشار المنشود للفن، ويساعد في نشر ثقافة الاقتناء.. كل ذلك وأكثر يتحقق من خلال الاهتمام بإنشاء مراسم للفنانين، والتعاون بين الجهات الحكومية والخاصة المعنية بذلك في تقديم فناني كل منطقة ومحافظة من خلال مراسمها.