عبدالعزيز مهدي العبار
ما يحدث بين فرنسا والعالم الإسلامي ذكَّرني بسؤال طرحته على جاري الأمريكي وقلت له «في بلدنا لو سبَّ أحدٌ أمك أو أباك أو عرضك ودينك فسوف تتم محاكمته وتنفيذ الحكم المناسب بحقه» قال لي «هنالك حرية الكلام لأن الكلمة ليس لها ثمن أو أي اعتبار إذا ما أنت تريد ذلك، أما الغضب فهو مكلف جداً وقد يضر بحياتك وصحتك وفِي نفس الوقت الغضب اختياري».
وقفت لوهلة، وشدتني كلمته أن «الغضب اختياري» وتذكّرت حديث الرسول عليه الصلاة والسلام «ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني قال: (لا تغضب، فردد مرارًا، قال: لا تغضب)
وقال ابن التين: (جمع صلى الله عليه وسلم في قوله: (لا تغضب) خير الدنيا والآخرة؛ لأنَّ الغَضَب يؤول إلى التقاطع ومنع الرفق، وربما آل إلى أن يؤذي المغضوب عليه، فينتقص ذلك من الدين).
هل نحن نقرأ؟ وهل إذا قرأنا نفهم ونطبّق؟
طبعاً لا، لأن لدينا كل شيء ولم يتركنا صلى الله عليه وسلم إلا وقد تمم الدين ومكارم الأخلاق وتركنا على المحجة البيضاء والتاريخ والأحداث التي تحصل في العالم العربي والإسلامي المدفوع عمداً للغضب تقول لنا عكس ذلك تماماً.
فخير الدنيا والآخرة اختصرهما رسولنا صلى الله عليه وسلم بكلمة وليست أي كلمة، ولكن الأجيال تحتاج إلى غرسها في أنفسهم منذ سن مبكرة لكي يكبروا وتكبر معهم لتصبح أسلوب حياة، ليكونوا خير أمة أخرجت للناس لا تغضبهم كلمة لم تكلف قائلها شيئاً، بل جعلته كل شيء بين مناصريه وأتباعه.
من ناحية طبية ونفسية، يعرف الغضب بأنه سلوك عدواني سبقته مشاعر سلبية تحفزها الظروف المحيطة بالإنسان، من عاطفة اجتماعية وأفكار ومفاهيم خزنها مخ الإنسان واعتبرها خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها، أو لا يمكن التعامل معها بالتجاهل ويجب تسجيل موقف قوي وحاد في نفس اللحظة لغثبات القوة والذات، ولكن سرعان ما يتلاشى ذلك الشعور إلى ألم وحسرة وندم، بسبب ردة الفعل القوية التي تسببت بالأذى وما تبعه من تغير فسيولوجي قاد إلى هذه النقطة التي لن يستطيع الشخص العودة والرجوع منها إذا غضب.
الكلمة عند الشعوب العربية تؤدي إلى الغضب وقد تقتل صاحبها، وقد تهوي فيه في النار سبعين خريفاً، وقد تعقد البيع وتطلق المرأة وتفرق الأسر والضحية الأطفال والمجتمع؛ لذلك، يعتبر منهج إدارة الغضب من أهم المناهج التي تدرس في المجتمعات الغربية، للحد من هذه الانفعالات السلبية والتعرّف على أهم المهارات التي يحتاجها الشخص ويعتبرها البعض فن تعامل وأسلوب حياة ونأي بالنفس عن كل ما يسبب لها المشاكل التي تنعكس سلباً على سعادتهم وأعمالهم اليومية.
على أن ما حدث من رسوم مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، واعتبار الرئيس الفرنسي ماكرون أنها تدخل ضمن حرية الرأي أمر غير مقبول، كما أن قتل المدرس لأنه عرض رسوماً لطلابه مسيئة للرسول غير مقبول، وكذلك قتله بسبب ذلك.