زكية إبراهيم الحجي
ما زال شبح الإرهاب مستمراً يطارد دول العالم ويهدد السلام والأمن الدوليين، ويوماً بعد يوم نسمع بعملية إرهابية جديدة تضرب مكاناً ما في هذا العالم.. وحقيقة لم يعد خافياً على أحد جذور ومنابت وأذرع التمويل والدعم لهذه الظاهرة المتمددة في مختلف أرجاء العالم، فأوراق التاريخ كشفت الحقائق وأسقطت الأقنعة.. وأثبتت أن التناغم التركي القطري أوصل أذرع التنظيم الإخواني إلى مربعات نفوذ متنامية رغم محاولات النفي المتكررة.
وللحقيقة فإن اللجوء الإخواني لدول أوروبا خاصة فرنسا ليس بجديد.. فمناخ الحريات في أوروبا بشكل عام وفي فرنسا بشكل خاص سمح لتمدد الحركات الإسلامية المتطرفة ومنها حركة الإخوان المسلمين، حيث وجد فيها حاضنة بديلة بعيدًا عن حدوده الجغرافية العربية بسبب ملاحقات ومطاردات واجهها في فترة ما.. وبقيت فرنسا في مقدمة دول أوروبا ملجأً لهم ووكراً لتلقي الخطط والدعم المالي من ثنائي الشر تركيا وقطر والتنفيذ حسب السياسة التي رُسِمت لها.. ومنطلقاً من ذلك نجح تنظيم الإخوان المسلمين من التمدد أفقياً داخل نسيج المجتمع الفرنسي وغيرها من دول القارة العجوز، وذلك من خلال المؤسسات الخيرية القطرية وأخرى تتلقى الدعم المادي من قطر، فتمكن الإخوان من الهيمنة على أكبر عدد من المساجد في فرنسا بإيعاز من العثماني أردوغان.. إن أيدلوجية الإخوان المسلمين المتمثلة في تنظيمهم ليست كما يعتقد بعض المخدوعين تهتم فقط بالجانب الروحي، هي كذلك ظاهراً وأما باطناً فهي وبكل فروعها المنتشرة في كل بقاع العالم حركة سياسية شمولية مُصدرة للإسلام السياسي الذي يفرخ التطرف والإرهاب وينشر الفكر الظلامي.
يبدو أن ما حدث في الأسبوع الماضي من اعتداء إرهابي على كنيسة في إحدى المدن الفرنسية وهو واحد من سلسلة اعتداءات متكررة كشف خيوط الأنشطة المشبوهة لأذرع الرئيس التركي أردوغان والصغير تميم، وهذا ما تناوله كثير من محللي السياسة سواء من العرب أو من الغربيين، ويبدو أن عملية الشحن الأردوغاني لأذرعه الإرهابية كثفت من عملياتها الإرهابية في فرنسا على مدار الأسبوع الماضي ما دفع بالرئيس الفرنسي إلى أن يطلق حرباً شرسة على أذرع النفوذ التركي في بلاده والتي تتوزع أنشطتها بين قطاعات متعددة تمتد من التعليم وصولاً إلى المساجد.. ويرى عدد من المراقبين الفرنسيين -حسب ما بثته بعض وسائل الإعلام- أن تحرك الحكومة الفرنسية يستهدف الأذرع التركية والممولة قطرياً، وذلك لتخليص المجتمع الفرنسي من براثن تنظيم الإخوان المسلمين والتي لم يعد رئيس تركيا وتميم قطر يتحرجان منها.. إنه الواقع الأسود لثنائي الشر.