أ.د.عثمان بن صالح العامر
أكتب هذا المقال صبيحة يوم الثلاثاء 3 نوفمبر 2020 والعالم بأسره، غنيه وفقيره، ثالثه وأوله، يترقَّب السباق إلى البيت البيض بين الرئيس الأمريكي الحالي (ترامب) الذي ينتمي للحزب الجمهوري، ومنافسه الديمقراطي (جوزيف بايدن)، وهذا السباق جزماً يختلف عن غيره من المنافسات التي تجري بين النظراء، سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الرياضي أو ... فهو سباق من أجل الوصول إلى كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية التي - أردنا أم لم نرد - هي المؤثِّر رقم واحد -بعد الله سبحانه وتعالى - فيما نرى من أحداث ساخنة على الساحة العالمية اليوم، ومن تحولات متلاحقة سريعة في الخارطة الدولية خاصة بالشرق الأوسط الذي نحن جزء منه.
* لقد اتخذ الساسة الأمريكان أسلوب المناظرات بين المرشحين منذ بَدْء السباق وصولاً للبيت الأبيض، ويذكر التاريخ أن أشهر مناظرة تمت قبل 155 عاماً في انتخابات 1860م بين عضو الكونغرس إبراهام لينكولن الجمهوري والسناتور ستيفن دوغلاس الديموقراطي، تحدث أولاً دوغلاس المؤيِّد لتجارة السود وأثار حماس المستمعين بأسئلة مثل: «هل تقبلون مساواة مواطن زنجي بكم؟» وهتف بعض المستمعين: لا. «هل تريدون زنجيًّا يملك مزارع مثل مزارعكم، وثروة مثل ثرواتكم؟» وهتفوا: لا.
لم يكن هذا رأي لينكولن الذي أعاد عليهم بنود الحرية والمساواة في إعلان الاستقلال والدستور. وسألهم: «ألم يخلق الله الناس متساوين؟» فهتف بعضهم: بلى. فعاد عليهم: «لماذا إذًا لا نلتزم بالدستور وحقوق الإنسان؟» فهتفوا: «نقدر على ذلك» هنا نجح لينكولن في الفوز برئاسة الجمهورية حين أعلن قانون تحرير العبيد.
* الغريب أن هذا السباق من خلال هذه المناظرات لا يخلو من فضائح من العيار الثقيل، ونشر كل مرشح لغسيل الآخر، والقدح والتعريض بالشخص المنافس، خاصة عند انعقاد المناظرات بينهما التي هي في سباق هذا العام تأتي في ظروف جائحة كورونا ذات الأثر المباشر على طبيعة المناظرات ومكانها.
* المنطق يقول إن من المفترض أن يكون المرشحان أفضل اثنين في المعترك السياسي الأمريكي - إن نحن أحسنّا الظن بالديمقراطية الغربية - وأنهما لم يصلا إلى هذه المرحلة المتقدِّمة من السباق إلا بعد فحص وتدقيق وفرز وتمحيص على مستوى العمل المؤسسي والانتماء الوطني والتمثيل الحزبي والسلوك الشخصي حتى ولو كان هذا التمحيص الذي أتحدث عنه تم على يد القيادات الحزبية التي يهمها نجاح الحزب وسلامة سجل مرشحيه وصدق انتمائه وحقيقة ولائه للولايات المتحدة الأمريكية. ولذا أستغرب شخصياً أن تظهر على المرشحين فضائح وسلوكيات قد يترفَّع عنها أبسط المواطنين الأمريكان حياةً، وأضعفهم انتماءً، فكيف بمن يتوق لكرسي الرئاسة؟ فضلاً عن أسلوب التهكم والسخرية ومن ثم التعرية والإسفاف في الخصومة وكأن الهدف الوصول بأي ثمن حتى ولو على جماجم الآخرين.
* عموماً لم يبق على انتهاء ماراثون السباق إلى البيت الأبيض - لحظة كتابة هذا المقال - إلا ساعات معدودة.. ترى من سيفوز؟ من سيستقر به المقام في البيت الأبيض؟ الكلمة الأخيرة - مع كل ما قيل ويُقال - هي في الظاهر لمن يملك حق التصويت في الولايات المتحدة الأمريكية، فاللَّهم اجعله خيراً لنا في هذا البلد المملكة العربية السعودية، ولبلاد العالمين العربي والإسلامي، ولكل المسلمين في العالم أجمع، وإلى لقاء، والسلام.