خالد بن حمد المالك
كلَّما كانت هناك انتخابات في أمريكا لاختيار رئيس لها، وجدها بعض المتربصين وأعداء الدولتين فرصة لطرح السؤال (الغبي) عن مستقبل العلاقات السعودية - الأمريكية، مشككين في استمرارها مع الرئيس الخلف بمثل ما كانت عليه من تميز مع الرئيس السلف، وكأنَّ علاقة المملكة مع الرؤساء لا مع الولايات المتحدة الأمريكية الدولة العظمى وشعبها العظيم، ورؤسائها الذين يتبادلون مسؤولية إدارة الدولة سواء كان الفائزون من الحزب الديمقراطي أو من الحزب الجمهوري.
* *
هؤلاء يتعامون، ويتجاهلون، أن العلاقة بين الدولتين هي علاقة تاريخية، وعلاقة إستراتيجية، وأن هناك مصالح لكل من واشنطن والرياض تجعل الدولتين تتمسكان في استمرار هذه العلاقة وبهذه القوة، وبهذا الزخم الكبير، انطلاقاً من أن ما يجمع الدولتين من المصالح أكثر بكثير مما تفرقهما السياسات، سواء تغير هذا الرئيس أو جاء ذاك الرئيس، وأن كل المراهنين على خروج هذه العلاقة عن سياقها التاريخي والإستراتيجي قد فشلوا المرة تلو الأخرى، لكنهم لا يتعلمون من الدروس.
* *
مناسبة هذا الكلام، ما يطرحه البعض مع حمى مجريات التصويت لانتخاب رئيس لأمريكا: ماذا لو خسر الرئيس دونالد ترامب، وكيف ستكون عليه علاقة المملكة مع فترة رئاسة الرئيس جو بايدن فيما لو فاز بالانتخابات، وهل ستبقى العلاقة كما كانت عليه فيما لو فاز ترامب بولاية ثانية، وكأن علاقة المملكة مع الرؤساء لا مع الدولة العظمى الولايات المتحدة الأمريكية التي يضفي عليها الرؤساء الأمريكيون واحداً بعد الآخر مع ملوك المملكة هذا التميز الذي نراه في علاقات الدولتين على مدى عقود من الزمن.
* *
لقد راهن كثير من زعماء العرب على علاقات أحادية لدولهم مع الاتحاد السوفيتي، وعادوا الولايات المتحدة الأمريكية على مدى عقود مضت، وأدركوا لاحقاً أنهم خسروا كثيراً ولم تخسر الولايات المتحدة، وبينما بقيت المملكة وفية لعلاقاتها بأمريكا، متمسكة بها، تحكم علاقاتهما المصالح المشتركة، والسياسات المتقاربة، ولم تمنع العلاقات مع أمريكا من مد المملكة علاقاتها إلى جميع دول العالم.
* *
ولهذا، فالمملكة سواء أعيد ترامب رئيساً لولاية ثانية، أو فاز بايدن في الانتخابات، سيان بالنسبة للمملكة، فالتعاون مع أي منهما سيكون قوياً كما كان عليه الحال مع كل الرؤساء السابقين، وهذا ما رسمه الملك عبد العزيز -رحمه الله- والرئيس الأمريكي من الحزب الديمقراطي فرانكلين روزفلت في اجتماعهما عام 1945، حيث أسسا لعلاقة تاريخية بين الطرفين لبناء أوثق العلاقات بين الرياض وواشنطن، علاقات يسودها الاحترام والصدق والالتزام بما يتم الاتفاق عليه بين الجانبين.
* *
وفي الختام، فإن المملكة مع أمريكا، ومع أي رئيس يختاره شعبها لقيادتها، ستكون موضع احترام قيادة وشعب المملكة، كما تؤكده مسارات العلاقات بين بلدينا على مدى عقود من الزمن، دون أن يمسها سوء، أو يخدشها تصرف غير مسؤول، فالتناغم في الأهداف والسياسات والرؤى بين الدولتين أقوى من كل من يتحدث بغباء وجهل أو تجاهل وبسلبية عن أقوى علاقة بين أكبر وأقوى دولة في العالم، وأكبر وأهم دولة في منطقتنا.