رمضان جريدي العنزي
قال الله - جل في علاه - {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ}. إن الرزق يأتي بالحركة وطلب العمل، لا في السكون والنوم والتمدد والتسكع والتمني والكسل. إن نتائج الرزق المبهرة لن تأتي من غير كدح ومشقة وتعب، فالحقل لا ينمو ولا يكبر ولا ينتج من غير حرث وبذر وسقيا ومتابعة، وقس على ذلك الأعمال الأخرى كلها. إن البحث عن الرزق الحلال يتطلب مجهودًا شاقًا ومغايرًا. إن العمل الشريف يغني صاحبه عن إراقة دم وجهه، وينفع به نفسه وأهله ورعيته، وأن التسكع في الشوارع وعلى أبواب المنازل والمساجد والأسواق هو الذل والمهانة والانكسار بعينها، فالله العلي القدير ذلل لنا الأرض بما فيها، وأمرنا أن نسير في فجوجها وأركانها وأرجائها، وأن نبحث عما أودع فيها من خيرات وفرص التي نوعها الخالق سبحانه وتعالى. إن الذي يبتغي الزيادة في رزقه والزيادة في ربحه وكثرة الفائدة فعليه بالسعي والجد والاجتهاد، وأن يستشعر الهمة والنشاط، وأن يطوح بعيدًا الخمول والكسل والتواني. إن المرء السوي العاقل لا يرضى أن يكون كلاً على أحد، أو أن يستجدي الرزق من أحد، أبدًا لا يفعل ذلك. إن طلب الرزق ليس بالتمني ولكن بالعمل والهمة والطموح، وعجز الإنسان وخوره وكسله سبب البلاء والتأخير. إن الحياة كلها كفاح وجهاد وتعب، ولا ينال الأمنية إلا من صبر على أهوالها وجاهد فيها ببسالة، بعيدًا عن التخاذل والاستسلام والضعف والكسل. إن الأمم المتقدمة لم تكن في الصدارة لو لم تطرح الكسل والعجز جانبًا، وأعملت فكرها وعقلها في الإبداع والاختراع والابتكار، وفي فنون العلم والمعرفة كلها. إن على الإنسان لكي ينجح أن يسابق الزمن لتحقيق أهدافه ومبتغياته وأمانيه حركة وركضًا وتعبًا. إن مناكب الأرض وفجوجها واسعة، وخيرات الله فيها كثيرة وكثيفة وغزيرة ومتنوعة، وعلى الإنسان السعي الجاد فيها لتحصيل رزقه وقوته ومن يعيل. إن الله ذلل الأرض وجعلها مهيأة وممهدة ومسهلة لطالبي الرزق ليضرب المرء فيها مبتغيًا فضله، بعيدًا عن ذل المسألة ومد اليد التي لا تليق بالإنسان القادر السوي.