م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. الخربشة هي كتابة فوضوية عشوائية لكن لها غاية وهدف.. وأحياناً كثيرة لها معنى مؤسس لفكرة كبيرة.. وأحياناً أخرى هي مجرد هروب واختلاء بالنفس وسط جمع لم يجد «المخربش» نفسه بينهم.. لذلك تأتي الخربشة في كلمات وجمل منثورة بلا رابط أو صلة.. فقط تفريغ لكلمات وأفكار ليس لها علاقة ببعضها البعض.. والرابط الوحيد بينها هو الكاتب نفسه.. فهو يألف القلم ويرتاح حينما يخربش على الورق.. فهي وسيلته للتفكير والاسترخاء.
2. الخربشة يمكن أن يخرج منها «المخربش» بأفكار مبدعة أو أشكال جميلة أو روابط ذات معنى.. مع أنها في الأصل خربشة بغرض أن تتضافر جهود عقله الواعي مع عقله الباطن في محاولة لتحرير نفسه حتى يفكر ويقرر وفق منهجية.
3. الخربشة بمكوناتها شكل بصري كأنها تعبير عن أحلام اليقظة.. مما يجعلها مفتاحاً يمكن من خلالها قراءة الشخصية.. كما يقول علماء النفس من محللي الشخصية.
4. يستغرق الشخص في خربشته بكل جد فقط حتى يعزل نفسه لأنه فقد الصلة بكل ما يدور حوله.. ولو سُئل عمَّا خربشه لما تذكر! فقط كل هدفه كان الخربشة لنقل تفكيره الذي يوتر أعصابه إلى أشكال وحروف وأرقام وخطوط بلا معنى على الورق.
5. الكاتب والرسام والمهندس وبقية المهن يستفيدون من خربشاتهم كمسودات أو لخطة عمل أو بلورة فكرة.. فالخربشة شيء فضائي هلامي ضائع بين العقل الواعي والعقل الباطن.. تربط بداية الفكرة على الورق وتصبح حجراً يمكن تحريكه حتى تتشكَّل الفكرة كما يريد «المخربش».
6. الخربشة هي محاولة للتفكير أو لِنَقُل هي أقرب شيء للتفكير المكتوب.. إلا أنها أكثر مكونات وعناصر من الكتابة.. وإن كان فك طلاسمها أمراً لا يمكن أن يقوم به سوى الذي قام بالخربشة.. لأنها للقارئ لا تزيد على كونها مكونات متنافرة أقرب إلى الشفرة للكاتب.. التي يمكن أن ينطلق منها بكتابة خطاب أو مقالة أو رواية.
7. الخربشة هي المسودة الأولى لأي عمل.. وهي أيضاً الوسيلة الأولى لتنظيم الأفكار وتجميع عناصر الموضوع وترتيبها وتنسيقها وفق السياقات التي يريدها صاحبها.. وهي إحدى آليات التذكر والتنبيه.. وهي المادة الخام لأي موضوع مطلوب تدوينه على الورق.
8. حينما تسيطر على ذهن المبدع فكرة فهو لن يهدأ ولن يستقر.. وتستيقظ مداركه وحواسه كافة.. فيتحرك بغير هدى.. وحينما يبدأ بالخربشة يهدأ باله ويَشْرَع في التخطيط والتفكير الجاد بدلاً من الكلام والنقاشات التي أسست لبدء الخربشة.