إعداد - محمد المرزوقي:
«سألني بعض زوار (عودة سدير)، وقريتها التراثية، عن إصدارِ عنها- ليكون ذكرى، وشاهداً على الزيارة، وتوثيقاً لما اطلعوا عليه من أقوال ومآثر تدعم ذاكرتهم عن هذا المكان؛ حينها جاءت فكرة إعداد هذا الإصدار المختصر»؛ هذا مما جاء في حديث معالي الأستاذ عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد أبو حيمد، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «الجزيرة» الصحفية، وكيل الحرس الوطني سابقاً، وعضو مجلس الشورى سابقاً؛ الذي أصدر كتابه الجديد، بعنوان: «عودة سدير: الإنسان والمكان»، في طبعة أولى 2020م، متضمناً أربعاً ثمانين ومئة صفحة من القطع الكبير.
وبين ذاكرتين: ذاكرة المكان، وذاكرة الإنسان، اتخذ المؤلف موقعاً «معرفياً» بين عمق التاريخ، وتضاريس خارطة الجغرافيا، التي دوّن، ورصد بهما، ورسم ملامح «عودة سدير» مرة أخرى في سفر المؤلفات والمصنفات التاريخية، التي تناولتها قديماً، وحديثاً، برؤية تعيد إلى الذهن هندسةً جديدة في استقراء ركب مسيرة تحولات المكان، واستنطاق ذاكرة الإنسان، التي وصفها معاليه قائلاً: حاولت أن أجمع بين التاريخ وجغرافية المكان، والتراث والحضارة، بدء بتاريخ مملكتنا الحبيبة - المملكة العربية السعودية - التي هي امتداد للدولة السعودية الأولى، التي قامت على يد الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن، وبمساندة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمهما الله - ثم قيام الدولة الثانية، على يد الإمام تركي بن عبد الله آل سعود - رحمه الله - وفي عام 1319هـ أعاد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود - رحمه الله - بناء توحيد الدولة السعودية الثالثة، التي امتدت من ذلك العام إلى يومنا هذا، التي نرجو الله أن يمد في عمرها وبقائها، ونموها وازدهارها، ظلاً وارفاً، وأمناً شاملاً، ونعماً كثيرة على أهل هذه البلاد، والمقيمين فيها، والقادمين إليها حجاجاً، ومعتمرين، وزواراً.
أما عن تضاريس (الحكايات) في بعدها الثاني - الجغرافي - لعودة سدير، فوصفها الأستاذ عبد الرحمن أبو حيمد، بقوله: جغرافية المكان، فهي عن عودة سدير، وموقعها من شبه الجزيرة العربية والمملكة العربية السعودية، وحضارتها وتراثها الذي جسد حياة أهالي العودة، ومنجزات الآباء والأجداد وأجدادهم، من مبان وزراعة وأدوات وغيرها، وأما التطور الحضاري فهو ما قدمته حكومتنا الرشيدة، من: أمن، خدمات، تعليم، صحة.. وغير ذلك، منذ عهد الملك عبد العزيز - رحمه الله - إلى عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان - أمدهما الله بالصحة والعافية - ووفقهما في كل خطوة يخطوانها في سبيل عز هذا الوطن وكرامته، وأمن ورفاهية شعبه.
وفي هذا السياق، مضى معاليه قائلاً: يتناول هذا الإصدار بشكل مختصر تاريخ الدولة السعودية، باعتبارها مملكتنا ووطننا الحبيب الذي ولدنا على أرضه، وعشنا تحت سمائه، وكبرنا على خيراته، وما تحمله ذاكرة المكان من ذاكرة الوطن، التي عرجت من خلالها على العمارة والعمران في عودة سدير، والحالة الاجتماعية لأهلها، وعاداتها وتقاليدها، ونمط العيش السابق فيها، إضافة إلى ما كانت عليه حياة سكانها: الدينية، السياسية، ونمط العيش السابق فيها، وغير ذلك من عن العودة وعن قريتها التراثية.
وعن الرؤية، والمنهجية، والهدف، التي وقفت خلف موضوعات هذا الإصدار، قال عنها المؤلف: «حرصت على أن أنقلها بأمانة للقارئ، لكي يكون على دراية بخلفية ما يرى في هذه البلدة، ومن ثم نستعرض مع القارئ رحلة إعادة الحياة إلى القرية التراثية بعودة سدير، من خلال (بوابة القرية التراثية) لها، عبوراً إلى ما هي عليه اليوم من تقدم حضاري»؛ إذ تضمن الإصدار العناوين التالية: مقدمة الحديث، الدولة السعودية الأولى، الدولة السعودية الثانية، الدولة السعودية الثالثة (المملكة العربية السعودية)، منطقة الرياض، محافظة المجمعة، تاريخ مدينة العودة والقرية التراثية، قلبان عودة سدير، المحلات التجارية، الحالة السياسية والدينية، أئمة جامع عودة سدير في القرية القديمة، الثقافة والمعرفة العامة، المأثورات الشعبية (الفلكلور) في العودة، العادات والتقاليد الموروثة في العودة، إعادة إحياء القرة التراثية، المتبرعون والمساهمون لبناء قصر العودة ونشاطاتها وفعالياتها، العودة الجديدة، المساجد ودور التحفيظ في العودة، مشاريع ومساهمات خاصة، المراعي وأماكن التنزه البرية، نبذة عن معالي الأستاذ عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد أبو حيمد، وصلاً إلى ملحق خاص بالصور التي حملها الكتاب إلى قراء هذه الذاكرة من خارطة بلادنا.
وختم معالي الأستاذ عبد الرحمن أبو حيمد حديثه قائلاً: سبقني إلى مثل هذا الإصدار عدد من المؤلفين المهتمين بتاريخ نجد، ومنا عودة سدير، ولقد ساهمت إصداراتهم في إثراء المعرفة عن هذه البلدة التي نعتز بانتمائنا إليها، ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أشكرهم على ما بذلوه من جهد في توثيق تاريخ وحاضرة عودة سدير، كما لا يفوتني أن أشكر أبناء عودة سدير، الذين عملوا معي وساعدوني على مراجعة معلومات هذا الإصدار.
من هنا، قبل أن تنتهي أولى الحكايات عن قصة (العودة) إلى عودة تسير.. تبدأ أولى صفحات رواية التاريخ في الطريق إلى «العودة».. المكان.. وإلى عودة سدير الإنسان.. قديماً.. وحديثاً.. لتبدأ فصول الرحلة التي دوّنها المؤلف بعد أن بلغ في النبوغ ما جعله الشاعر.. والروائي.. والمؤرخ.. والكاتب الصحفي.. ورجل الإدارة.. والمشورة.. الذي عاد إلى عودة سدير ليجد من بين صفحات ذاكرة إنسان العودة، وبين مرابعها الجغرافية.. حكاية إنسان (وطني)، ومرابع (طفولة) لا تزال ملء السمع والبصر في ذاكرة وذكريات عودة سدير لعبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد أبو حيمد.