د.م.علي بن محمد القحطاني
تستقبل مملكة الإنسانية أفواج المعتمرين من خارج المملكة اعتبارًا من اليوم الأحد حسب الخطة الزمنية التي وضعتها المملكة للعودة التدريجية للعمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف بعد الأخذ بالأسباب التي أمرنا بها ديننا الحنيف لقوله صلى الله عليه وسلم (اعقلها وتوكل). بعد وضع ضوابط بروتوكولات من شأنها بإذن الله حفظ النفس البشرية وتحقيقاً للمقاصد الشرعية فها هي حكومتنا الرشيدة تتحدى الظروف وتختار الطريق الأصعب بحسن التدبير ودقة التخطيط ودراسة الجائحة من كافة جوانبها، واضعة نصب عينيها المحافظة على سلامة وصحة وحياة المسلمين وفي الوقت ذاته مشاعرهم وأحاسيسهم ومدى تعطشهم وتلهفهم للعودة لأداء مناسك العمرة والزيارة، مُسخرة في ذلك أحدث ما توصل إليه العقل البشري من تكنولوجيا وأساليب الذكاء الاصطناعي في التعقيم والتطهير والفحص وكل ما يتطلبه ذلك من أيدي عاملة ومواد وآليات لضمان سلامتهم وصحتهم، وتدريب الشباب السعودي والذي كان على الموعد لإدارة هذه الحشود، مُسخرة في ذلك ما لديها من خبرات مكتسبة في إدارة الحشود، حيث تعتبر المملكة العربية السعودية أنموذجاً عالمياً فريداً يحتذى به في هذا المجال بل وحري بتعليم هذه التجربة في أعتى الجامعات العالمية.
وبرزت الحاجة الماسة لتطبيق إلكتروني يحتوي على المعلومات اللازمة للمعتمرين والمصلين لتوضيح نقاط التجمع والدخول ومسارات الحركة والمصليات ومواقع العربات وجميع الخدمات التي يحتاجها الزائر والمعتمر دون مخاطر صحية عليه وعلى المسلمين، مع الأخذ في الاعتبار التقيّد بالإجراءات الاحترازية وضرورة تطبيق التدابير الوقائية للحد من انتشار فيروس كورونا بتقليص الأعداد بما يتماشى مع الطاقة الاستيعابية المحددة، وتجنب الازدحام لضمان التباعد والتفويج المنتظم وتواجد أعداد مقبولة ومعقولة في نفس الموقع وفي كل الخطوات، وأن تكون على مراحل لضمان خروجها بالشكل المطلوب لمعالجة أي نقاط ضعف أو أوجه قصور إن وجدت وتصحيحها وتعظيم الفائدة من الإيجابيات وتطويرها لجمع الحسنيين المحافظة على صحة وسلامة المعتمرين وأداء مناسك العمرة لمن كتبت لهم. وكانت قد سبقت هذه الخطوة السماح لمعتمري الداخل لكل من هو موجود على تراب هذه البلاد الطاهرة بطريقة إلكترونية بالكامل ليس للاختيار علاقة بالجنس أو اللون أو العرق للجمع بين الحسنيين المحافظة على صحة وسلامة المعتمرين وأداء مناسك العمرة لمن كتبت لهم، وسارت التجربة بكل سلاسة وفوق كل ذلك رقي المعاملة وحسن التعامل ولغة التخاطب والابتسامة التي لم تفارق محيا العاملين والقائمين على هذا العمل، وأتمنى أن تتاح فرصة أكبر لمن لم يعتمر من السابق إن لم يكن هناك أي عوائق شرعية أو تقنية.
وفي هذا المقام لا يسعنا إلا الدعاء وتوجيه الشكر والعرفان لحكومتنا الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وجميع الجهات المشاركة في إدارة القيادة والتحكم ومنها وزارة الداخلية، ووزارة الصحة، ووزارة الحج والعمرة، ورئاسة الحرمين الشريفين، ووزارة الخارجية، على هذه المجهودات المتميزة والخطط المحكمة والمبادرات المميزة، وهذا ليس بمستغرب على دولة سخرت كل إمكانياتها البشرية ومواردها المالية ومكانتها السياسية وخبراتها الدبلوماسية في خدمة الإسلام والمسلمين ورعاية وإعمار بيت الله الحرام ومسجد رسوله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.