د. فايزة محسن الحربي
حينما راجعت السياسات الإعلامية المنشورة على موقع وزارة الإعلام الشهر الماضي بقراءة ناقدة للمشاركة في الورشة الافتراضية الأولى التي نفذتها وزارة الإعلام يوم الاثنين 18-2-1442هـ مع الخبراء والمختصين والمهتمين في مجال التأليف والصحافة والنشر، بهدف تحديث استراتيجية قطاع الإعلام في المملكة، التي تناقش الأمية حيث استوقفني المادة السادسة عشر عن (أمية الكتابة والقراءة)، وتذكرت شريط ذكرياتي منذ كنت أدرس بالمرحلة المتوسطة إلى اليوم وكيفية مواجهة وطني الحبيب متمثل في وزارتي (التعليم والإعلام) للتصدي لظاهرة الأمية التي نجحنا بتفوق في القضاء عليها بنسبة عالية والحمد لله، أعتقد يقيناً أنه لم يعد هناك مواطن سعودي أمي الكل يقرأ ويكتب، وإن وجد غير ذلك فهو على مشارف الثمانين أو التسعين من العمر.
طرحت بالورشة الوزارية مقترحاً حول ضرورة التحول السريع لاستبدال المادة السادسة عشر التي تناقش (أمية الكتابة) باستبدالها بمكافحة (أمية التقنية) فبعد حصولي على الماجستير والدكتوراه بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف مؤخراً، والتحاقي بدورات تطويرية تصل لمئات الدورات المتنوعة ولله الحمد، إلا أني اكتشفت أني أمية بالتعامل مع البرامج التقنية المتطورة عندما اضطررت لاستخدام منصة مدرستي كمعلمة واضطررت للخوض في التعامل مع البرامج المتطورة والرائعة مثل التيمز وغيرها من البرامج التعليمية.
حقيقة جانحة كورونا أيقظت الكثير أمثالي لاكتشاف أميته في التعامل مع التقنية المتطورة رغم سهولة التعامل مع هذه التقنية، والحمد لله اجتزنا شوطاً جميلاً في التعامل معها وفك رموزها والاستمتاع بها مع طالباتنا داخل الحصص المدرسية الافتراضية، وذلك بعد تدريبنا عليها من قبل المشرفات وبعض المعلمات ذوات الخبرة إضافة للاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي للاستفادة من الإمكانات اللامحدودة لهذه التطبيقات والتي نكتشف جديدها كل يوم، إلا أننا كدولة ريادية حصدت المركز الأول في التقدم التقني بين دول قمة العشرين 2020 ، نستحق تأهيل جميع الموظفين والمعلمين على التعامل التقني بدورات تأسيسية تؤهلهم للتعامل مع التقنية المتطورة، وهذا ما تخطوه الدولة حفظها الله في جميع دوائرها الحكومية، لكن نحتاج جهود أكبر وأسرع لنواكب تطور العالم التقني، إضافة لضرورة توجيه أبناءنا الشباب إلى صناعة هذه البرامج التقنية وإنتاجها وتصديرها للعالم وهم يمتلكون فن التعامل معها باحترافية لكن يحتاجون توجيهاً وتدريباً لهذه الصناعة التي تمثل أبرز قطاع صناعي واعد للوقت الحالي، مع أهمية مكافحة أميتهم في كيفية انتقاء المحتوى وفن التعامل مع التدفق الاتصالي والمعلوماتي بإيجابية، ورفع الحس الوطني لديهم للتصدي لكل ما قد يمس الدين أو الوطن أو القيم الاجتماعية، فقد تحدثت عن ذلك بالتفصيل يمكن الرجوع لمقالاتي السابقة بعنوان: (الغوغاء الاجتماعية- نحن كفو في النظريات الرقمية).
أعجبتني تجربة مبادرة المعلم الاستثنائي للمعلمة نشوى محمود من مدرسة فاطمة بنت يمان الحاصدة على جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم لهذا العام 2020 وكيف تم استغلال فترة الحجر لجانحة كورونا في مبادرة لتأهيل عدد كبير من المعلمين والطلاب بدولة الكويت للتعامل مع البرامج التقنية التعليمية المتطورة، المبادرة كانت فكرة لمعلمة مقيمة قوبلت بالترحيب والدعم من بيئة وإدارة مدرسية إبداعية بقيادة القائدة وفاء العريعر، انطلقت المبادرة لتصنع فارقاً وتحولاً لدى الكثير من المعلمين والطلاب بدولة الكويت الشقيقة.
نحتاج أن تجتاز المبادرات الإبداعية الفردية حيز البيروقراطية الذي يبطئ التحول والتطور للتعليم ولكل مجالات الدولة، هذا هو التحول الذي سيحقق رؤية ولي العهد حفظه الله واستشرافه لمستقبل واعد في عام 2030 .