عمر إبراهيم الرشيد
يقدر عدد الأمريكيين الذين يعتنقون الإسلام سنويًا بعشرين ألفاً حسب إحصائية نشرت قبل سنوات، وذلك منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر من عام 2001م، أما في ألمانيا فإن 4000 ألماني يشهرون إسلامهم كل عام ولنفس الفترة المذكورة. وفي حسابه على منصة (تويتر) نشر الأستاذ عبدالعزيز التويجري المدير العام السابق للمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم مشكورًا ترجمة لما كتبه الرسام الكاريكاتوري الفرنسي (سينيه) وهي كالتالي: «لست تشارلي، أنا سينيه، عملت لسنوات مصممًا في مجلة تشارلي ابدو. في عام 2009 رسمت رسمًا كاريكاتوريًا يظهر تحول نجل ساركوزي إلى اليهودية لأسباب مالية. طلبت مجلة (تشارلي ابدو) أن اعتذر ورفضت، طردتني المجلة لتهكمي على اليهودية». وتعلمون أن هذه المجلة تتذرع كغيرها هناك بحرية التعبير لنشر الرسوم المسيئة للنبي الكريم عليه الصلاة والسلام، برغم أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد أقرت عام 2018 بأن ازدراء الأديان والإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم وكافة الأنبياء ليس من حرية التعبير، لكنها ازدواجية المعايير واستخدام ادعاءات حرية التعبير والديمقراطية كأدوات ضغط على الدول خارج القارة العجوز لأسباب سياسية واقتصادية مكشوفة.
في محاولة التطاول الأخيرة على مقام النبي الكريم والدين الإسلامي العظيم كرد على العمل الإجرامي بقتل المدرس الفرنسي الذي لا تقره الشريعة الإسلامية وتجرمه، جاءت النتائج مرتدة على ماكرون سواء داخل فرنسا من قبل عقلائها، أو هذه الهبة العالمية في طول العالم الإسلامي وعرضه، بل دول العالم أجمع، تمجيداً للنبي الكريم بما يستحقه، وهذه ربما لن تحدث بهذا الزخم وفي فترة متزامنة عبر العالم لو لم ينطق ماكرون بما نطق به، فهذا هو الخير في باطن الشر كما يقال.
ولكي يكون الرد حضارياً مؤثراً فلا ينبغي الانجرار خلف الردود الانفعالية التي ما تلبث أن تنطفىء بعد فترة من الزمن، ومن الأفكار التي وجدتها في منصة (تويتر) على سبيل المثال وهي على بساطتها إلا أن تضافر الملايين من المسلمين لاجرائها له تأثير إعلامي عالمي وبما نعرف من تأثير الإعلام الرقمي حالياً، وهذه الفكرة ببساطة هي حظر حساب كل من يتطاول على الدين الإسلامي أو النبي الكريم عليه الصلاة والسلام أو القرآن الكريم، دون تكلف الرد العاطفي أو غير المبني على الحقائق والأرقام والحجج الدامغة، مع إبلاغ الموقع عن سبب الحظر، وهذه أداة من أدوات الرد الفعال والمؤثر ينبغي ألا نفوتها لسهولتها ووضوح فكرتها. وقد قمت بذلك كما قمت بنسخ ما نشره الرسام الكاريكاتوري الفرنسي (سينيه) ونشره في حساب مجلة (تشارلي ابدو) على منصة (تويتر) كشاهد من أهلها وكرد على ادعاءات حرية التعبير التي يتذرعون بها.
أما ما يخص حملات مقاطعة المنتجات الفرنسية وهي رد فعل شعبي طبيعي في مثل هذه الظروف والأحداث، فالتساؤل هو ما مصير تلك الكميات التي يتم رفعها من أرفف المحلات ومراكز التسوق، وهل يتم توزيعها إلى من هم بأشد الحاجة لها من مستحقي العون في مجتمعاتنا؟ أتمنى ذلك، وأذكر بأن اقتناء المنتج الوطني دائماً سواء في ظل حملة مقاطعة أو غير ذلك هو من حب الوطن الذي هو من الإيمان كما ورد في الأثر، وبالأخص إذا كان المنتج الوطني يماثل المستورد أيًا كان مصدره ويطابق المواصفات المعتمدة. ينظر البعض لمثل هذه الأحداث وغيرها أنها شر محض وكارثة، ولو تمعنا لرأينا الخير فيها، وصلى الله على خير الأنام وسلم تسليمًا كثيرًا.