فهد بن جليد
هي (لعبة) تعارف تقنية، نشطت في زمن (كورونا) باللغتين الإنجليزية والفرنسية مع غيابها باللغة العربية، الفكرة باختصار أنَّ لكل منا (جارين) يحملان نفس رقم الهاتف مع اختلاف العدد الأخير، فمثلاً إذا كان آخر رقمك ينتهي بالعدد 8، فإنَّ جارك الأول يحمل نفس رقم هاتفك مع اختلاف الرقم الأخير للعدد 7، وجارك الثاني ينتهي رقمه بالعدد 9. المستخدمون الغربيون يقومون بنشر محادثاتهم مع جيرانهم على تويتر ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، والتي تحمل مفارقات عجيبة في الاهتمام والشخصية، وحتى مكان أو موقع السكن.
التجربة لم تخل من المشاكل في المجتمع الأكثر انفتاحاً، ففي حين رحب بعض الجيران بمحادثة ومراسلة جيرانهم في الرقم، هدَّد آخرون بالتقدم بشكوى ضد جيرانهم بدعوى الإزعاج والتطفل ومقاضاتهم إن لزم الأمر، لا أعرف مدى نجاح مثل هذه الفكرة في العالم العربي، كل من حدثتهم بها عبروا عن الامتعاض وعدم القبول بها إطلاقاً، وعلقوا ربما تتسبَّب بمشاكل أكبر، وكأنَّ المستخدم العربي (حار شوي) ولا يقبل مثل هذه الأفكار التي ظهرت في العام 2018م، ونشطت مُجدَّداً في العام 2020م بسبب الحجر المنزلي.
كل المجتمعات تقريباً تعاني من نقص ترابط وتواصل الجيران على أرض الواقع، القفز إلى العالم الافتراضي والعودة لهذه الحملة أو اللعبة مرَّة أخرى بعد سنتين من التوقف، هو تعويض عن (نقص ما) يشعر به الناس في الغرب بسبب (كورونا)، الفكرة بحد ذاتها تجعلك تزيد من التأمل بأنَّك في هذه الحياة بأحلامك وآمالك وآلامك لست سوى (رقم) من بين أرقام كثيرة، تسبقك وتتبعك، الأمر مثل تاريخ الميلاد فكما أنَّ هناك من سبقك، هناك من جاء بعدك، لا أحد يتحمل مسؤولية الآخر، الأهم ماذا فعلت أنت؟ حيث ستتحمل وحدك مسؤولية الإجابة عن السؤال الذي سيوجه إلى رقمك تحديداً؟ وليس للرقم الذي سبقك أو تبعك، وفي هذا حكمة وفائدة.
وعلى دروب الخير نلتقي.