عبود بن علي ال زاحم
«ظاهرة الخوف تربة صالحة لنموِّ كل المشكلات المعقدة في بيئة العمل»، تلخِّص تلك العبارة الموجزة القاعدة التي انطلق منها كل من رومان هيبنج وسكوت كوبر في كتابهما المعنون «إبعاد شبح الخوف عن بيئة العمل».
ويوضح الكتاب أن تأصُّل الخوف داخل المؤسسة يستتبعه بالضرورة تنامي الآثار السلبية التي لا تقتصر تبعاتها على نفوس العاملين وطباعهم الشخصية فحسب، بل تؤثر في تحقيق الأهداف العليا للمؤسسة.
واستعرض الكتاب أبرز هذه الآثار السلبية، وفي مقدمتها الشعور السلبي تجاه المؤسسة والتفكير في تَرْكِها والعمل في مؤسسة منافسة، وكذلك الأمراض العضوية والشعور السلبي تجاه الذات، حيث يفقد الأفراد احترامهم لأنفسهم ويخيِّم عليهم الغضب والإحباط والاكتئاب والتوتر وخيبة الأمل، وأيضًا التأثير السلبي على جودة العمل ونوعيته.
وفي معرض تشريح تلك الظاهرة، رَصَدَ الكتاب أربعة أنواع من السلوك تؤدي إلى تنمية الخوف، تمثلت في السلوك الاستفزازي والتعسفي للمديرين، والسلوك الغامض لهم، وسوء نظم التوظيف، حيث عدم الاختيار السليم للأفراد وغياب العدالة في التعامل معهم، وأخيرًا سلوك الإدارة العليا حينما تفقد القدرة على اتخاذ القرارات وتعمل على تغليب الأهواء الشخصية.
أمَّا عن العوامل التي تدعم ثقة الأفراد في بيئة العمل، فيشير الكتاب إلى أهمية إعطاء العاملين حقهم بدلا من اللوم، وتحمل المسؤولية بدلا من افتعال الأعذار، ومشاركة المعلومات بدلا من حجبها، وكذلك تعاون الأفراد في إيجاد الحلول للقضايا المهمة، واحترام الهيكل التنظيمي وتجنب استخدام السلطة كسلاح ضد الآخرين.
ويقدم الكتاب ما يمكن وصفه بـ «الروشتة» الخاصة بعلاج تلك الأمراض الناجمة عن انتشار الخوف في بيئة العمل، والتي يمكن تلخيصها تحت عنوان عام هو «غرس الثقة»، مستفيضًا في عرض استراتيجيات تحقُّق ذلك الهدف.
ومن أبرز تلك الاستراتيجيات بناء علاقات جديدة بدون خوف، والاعتراف بوجود الخوف ووضع خطة للقضاء عليه، وفحص السلوك والعلاقات وتوجيهها بما يخدم الأهداف، والبحث عن النقد وتشجيعه وتجنُّب السلوكيات الغامضة.
كما تشمل أيضًا مناقشة كل الموضوعات بصدر رحب، ورغبة صادقة في تنمية علاقات العمل على أسس من الثقة المتبادلة، وأخيرًا المشاركة في اتخاذ القرارات ومواجهة أسباب التفكير السلبي.