سليمان الجاسر الحربش
في أواخر هذا الشهر منذ اثنتين وثلاثين سنة انتقل إلى جوار ربه معالي السفير محمد الحمد الشبيلي «أبو سليمان» بعد معركة مريرة فاشلة مع المرض.
ذهبت مرافقاً لوالدنا وأستاذنا الشيخ حمد الجاسر لزيارته في المستشفى العسكري بالرياض، كان ابنه المرحوم سليمان واقفاً على رأسه يصلح من شأنه وبيده رزمة من المناشف، كان الحزن يضرب أطنابه في جنبات الغرفة الفسيحة، حاول الشيخ حمد الجاسر أن يبدده بأسلوبه المرح عندما اقترب من أبي سليمان وقال له وهو يشير إلى باقات الورد التي تطرز الغرفة: «هذا سليمان جايب لك صرة حبحر من الرس»، رفع المرحوم رأسه والدموع تغمر وجهه وقال بلهجة لا تخطئها الأذن وهو يحاول النظر إليّ: «أعرفه جانا هكا السنة، بالهند وبيض وجيهنا» قبلت رأسه وأنا أبكي وساد الوجوم فقد كان واضحاً أن المنية قد أنشبت أظفارها. خرجنا وظل الشيخ حمد صامتاً طيلة المشوار من المستشفى إلى منزله في حي الورود.
قصتي مع المرحوم «أبو سليمان» بدأت في أوائل عام 1968 وقد رويت طرفاً منها في مقال نشرته جريدة الجزيرة في رثاء الأستاذ هشام ناظر (13 نوفمبر 2015) ومقال آخر في رثاء المرحوم يوسف أديب الأعمى نشرته الاقتصادية (8 مايو 2011).
خلال الربع الأول من عام 1968 استضافت الهند الدورة الثانية لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أنكتاد» وهو المنتدى الذي كانت الدول النامية تطمع أن تصحح من خلاله شروط التبادل التجاري الذي بدا واضحاً أنها تميل ضد مصالح الدول النامية التي تعتمد في تجارتها الدولية على تصدير السلع الأولية.
تكوّن وفد المملكة من معالي وزير التجارة المرحوم عابد شيخ وعضوية كل من المرحوم يوسف أديب الأعمى رئيس إدارة التجارة الخارجية في وزارة التجارة وبكري شطا الموظف بالوزارة نفسها وفيصل بن صفوق البشير المرشد من وزارة التخطيط قبل حصوله على الدكتوراه ثم تعيينه وكيلاً للوزارة، وقع اختيار الأستاذ هشام ناظر عليّ ممثلاً لوزارة البترول والحقيقة التي لم يكن يعرفها أحد من الوفد أن الهدف من اختياري هو التدريب والاستفادة من هذا التجمع الدولي، بل إن مهمتي كانت محددة بأسبوعين، بينما كان معروفاً سلفاً أن المؤتمر سيستغرق شهرين على الأقل.
سافرت إلى بيروت حسب التعليمات التي تلقيتها من وزارة التجارة للحصول على سمة الدخول للهند والانضمام للوفد المقرر انطلاقه من بيروت إلى نيودلهي.
ذهبت فور وصولي إلى السفارة السعودية وقدمت نفسي للملحق التجاري وأخذت خطاب توصية للسفارة الهندية وتركت عنواني عنده.
في الصباح الباكر هاتفني الملحق ليخبرني برسالة أتت من الرياض مفادها أن الوفد السعودي لن يصل بيروت كما هو الترتيب، بل إنهم لن يصلوا إلى نيودلهي إلا بعد أسبوع مما يعني أن الوفد السعودي سيظل أسبوعاً كاملاً تحت رئاسة شاب قليل الخبرة مسمى وظيفته مساعد مستشار اقتصادي أرسله رئيسه للمؤتمر من أجل التدريب.
لاحظ الملحق أن لغة الكلام قد تعطلت عندي بسبب هذا الخبر، فقال وهو ينهى المكالمة لا تهتم قدامك أبو سليمان وهي عبارة تكررت على مسمعي من بعض الأصدقاء السعوديين في بيروت.
سافرت ووصلت إلى نيودلهي فجر اليوم التالي في يوم من أيام فبراير 1968 وجدت في استقبالي الأخ حامد الفارس القائم بأعمال السفارة ومعه موظف هندي علمت فيما بعد أن هذا مع السفير هو الطاقم الكامل لسفارة المملكة العربية السعودية في الهند وذهبنا إلى منزل السفير وهو جزء من مقر السفارة.
كنت أغالب النوم بسبب طول الرحلة في الدرجة السياحية وفارق التوقيت، ذهب المرافقون وتركوني في غرفة مفتوحة على ممر ألقيت ببدني على أقرب أريكة وكدت استسلم للنوم لولا أن صوتاً أتى من بعيد يقول «هوجا ولدنا»، غمرتني عند سماع الصوت موجة من السكينة هي ما يسمونه بلغة اليوم «الطاقة الإيجابية» خيل إلي أن أبا سليمان الحقيقي والدي الذي فقدته منذ خمس سنوات في طريقه إليّ. بعد لحظات دخل أبو سليمان السفير بهندامه السعودي الجميل يضوع من أردانه دهن العود، غمر المكان منذ اللحظة الأولى بابتسامة عريضة امتصت كل ما أشعر به من تعب وتوتر وسلم علي بطريقة كأنه يريد أن يقول لي: «شد حيلك» وبدون أن أنبس ببنت شفة قال لي وهو يتأهب للخروج: «عن أذنك يا بو داود أبروح للمطار أشارك في توديع الكسى كوسيجن وأرجع لك» هنا صرت أمام الدبلوماسي أبي سليمان خرج وأنا أقلب ما سمعته منه: سفير المملكة العربية السعودية ذاهب إلى المطار لتوديع رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي، تزاحمت الأسئلة في خاطري: هل هذه تعليمات الملك فيصل؟ أليس هو رائد الدبلوماسية السعودية؟ أليس الاتحاد السوفيتي أول من اعترف بالدولة السعودية قبل توحيدها تحت المسمى الحالي؟ هل لنا في عام 1968 علاقات معهم؟ ألم تكن صحفنا تحمل عليهم وعلى مذاهبهم؟
عاد السفير من المطار وأفطرنا معاً مع السواليف التي تركزت على شخصي وطبيعة عملي وعلى المؤتمر والوفود التي تزيد على ثلاثة آلاف مندوب، ثم تركني أذهب إلى الفندق الذي أسكن فيه بعد أن أكد عليّ أن أفطر وأتعشى معه يومياً إلى أن يصل أعضاء الوفد السعودي.
كنت أسكن في فندق متواضع في غرفة لا تزيد مساحتها عن تسعة أمتار مربعة في حدود المبلغ المخصص للانتداب خارج المملكة وهو 78 ريالاً ولم نكن في ذلك الوقت قد سمعنا عن البطاقات الائتمانية ولا استبعد أن استضافة أبي سليمان لي صباحاً ومساءً لها علاقة بمساعدتي على التكيف مع مصاريف الرحلة.
عند الساعة السادسة من مساء اليوم الأول وقفت أمام باب الفندق سيارة الشيفروليه «امبالا» الجديدة بلوحتها الدبلوماسية أمام فضول العاملين في الفندق الذين لم يعتادوا على هذه المظاهر، أخبرني السائق أن معالي السفير سيأخذني معه لحفلات الاستقبال المبرمجة هذه الليلة. ركبت مع السفير في السيارة التي يرفرف العلم السعودي على أحد جنباتها في الطريق كان رحمه الله يتحدث إلى بحنان واضح. قال لي: في مثل هذه المناسبات تكثر الحفلات واللقاءات وهي فرصة لك وأنت تشق طريقك لاكتساب الخبرة والتجربة، حاول أن تستفيد من هذا المؤتمر بقدر الإمكان.
لم أكن أدري إلى أي سفارة نحن ذاهبان إلى أن توقفنا أمام فيلا جميلة بحديقة مفتوحة على الشارع وعلى صالون فسيح، بدأت أنفذ تعليمات السفير، لحظت صورتين تعلوان حائط الصالون، التفت على السفير ونحن نخطو نحو المدخل، فابتسم قلت له: إنهما كاسترو وجيفارا، نحن في السفارة الكوبية! قال: نعم، فقلت: هل لنا علاقات معهم، قال: لا، ولهذا أريدك أن تكتشف الجواب بنفسك، دخلنا ولاحظت أن السفير الكوبي هو من رفاق كاسترو المقربين يخص سفيرنا بسلام خاص، ليس هذا فحسب وإنما رأيت عدداً من السفراء يتركون أماكنهم ويأتون للسلام على أبي سليمان. بعد دقائق همّ السفير بالخروج، كنت منهمكاً أراقب الباب الخارجي كان السفير الكوبي يودع ضيوفه عند الباب وهو في الحديقة وعندما جاء دور السفير السعودي أصّر المضيف على الخروج معنا إلى الشارع، بل إنه شارك بشكل رمزي مع أحد الحراس في فتح باب السيارة ووقف إلى أن بدأنا نتحرك.
غمرتني فرحة تراودني كلما رأيت بلادي تتبوأ المكان اللائق بها، وما رأيته من تقدير خاص لسفير المملكة هو تجسيد لهذه المنزلة، لكن وداع السفير لرئيس وزراء الاتحاد السوفيتي والحفاوة التي نالها من السفير الكوبي ظلا يحتدمان في ذهني. سألني السفير ونحن نتحرك: هل سبق أن رأيت الدكتور عبدالمنعم القيسوني؟ قلت له: لا لكن كتابه «مقدمة النقود والتجارة الخارجية» كان مقرراً علينا في الكلية وعندما التحقت في الجامعة كان هو قد ترك التدريس إلى الوزارة وصار من أقرب الوزراء للرئيس عبدالناصر قال: نحن ذاهبان إلى حفل السفارة المصرية وقد يكون هناك وهي فرصة لك لكي تتعلم من هؤلاء الكبار سكت والصمت حكمة، لأنني في الحقيقة لا أدري بماذا أجيب.
كان صف المستقبلين يتكون من السفير وبجانبه رئيس الوفد المصري الوزير القيسوني وعدد من الشخصيات كان أقربهم إلى قلبي الدكتور الإنسان المرحوم محمد زكي شافعي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، الكلية التي تخرجت فيها وقد سبق له أن حضر الدورة الأولى لمؤتمر أنكتاد عام 1964 في جنيف وحدثنا عنه بعد عودته ونحن طلاب في السنة الثانية، كان من بين الموجودين الدكتور سعيد النجار أستاذ التجارة الدولية بالكلية وقد انضم إلى الأمانة العامة لمؤتمر التجارة والتنمية في جنيف، سلمنا عليهم وقدمني السفير لهم، كان شعوري لا يوصف وأنا أشارك في مؤتمر يحضره هؤلاء الأساتذة الذين تشرفت بالتتلمذ على أيديهم، بل إن فرحتي تزداد وأنا أصافحهم واحداً واحداً والفضل يعود للمرحوم أبي سليمان الذي لم يضيره أن يتلخص الوفد السعودي بشاب اتضح فيما بعد أنه أصغر مندوب حضر المؤتمر.
قبل أن نغادر الحفل وصل الشاعر عمر أبو ريشة سفير سوريا في نيودلهي وكان واضحاً من سلامه على أبي سليمان أنهما صديقان حميمان تعانقا وقال أبو ريشة وهو يشد على يد أبي سليمان «أنا لها» وعرفت فيما بعد أن السفير أبا سليمان قد روى لأبي ريشة قصيدة محمد العوني المعروفة بالخلوج وهذه العبارة (أنها لها) وردت في أحد أبيات القصيدة التي غيرت مجرى الحوادث في ذلك الوقت.
ولا يتسع المجال لرواية المزيد عن علاقة أبي سليمان بالسفير أبو ريشة وغيره من السفراء.
عدت إلى الفندق وفي الصباح الباكر كنت مع السفير في طريقنا إلى قاعة المؤتمر للافتتاح الرسمي، علمت منه أنه لن يجلس في المكان المخصص لوفد المملكة، بل سوف يجلس حسب قواعد البروتوكول مع السفراء ومعنى ذلك أنني سأكون وحيداً في هذا المقعد وأمامي اللوحة التي تحمل أجمل الأسماء Saudi Arabia يا له من شرف.
افتتحت رئيسة الوزراء أنديرا غاندي المؤتمر وألقى القيسوني كلمة موجزة بصفته رئيس الدورة السابقة ثم ألقى الأمين العام للمؤتمر الاقتصادي الأرجنتيني راؤول بربيش كلمة استغرقت أكثر من ساعة ثم انصرف المؤتمر إلى أشغاله الروتينية من المصادقة على الأجندة وتكوين اللجان.
كنت مستغرقاً أدون كل صغيرة وكبيرة إلى أن جاءني أحد الأخوة من العراق وقفت لأحييه قدم نفسه بأنه نزار القاضي السكرتير الأول بالسفارة العراقية وأنه يشرفه أن يدعو الوفد السعودي لحضور اجتماع في السفارة العراقية لتنسيق الموقف العربي ضد العدو الصهيوني (كذا)! عند سماعي هذه الكلمة شعرت بهزة تعتري بدني (كما انتفض العصفور بلله القطر) فنظرت إلى الوفد الإسرائيلي عن بعد وكأنني أقول «يا ويلكم جيناكم» من يدري لعل الطريق إلى القدس يمر عبر السفارة العراقية في نيودلهي كل هذا والأخ نزار واقف وأنا ممسك بتلابيب يده اليمنى ويدي اليسرى تشد على ساعده، من يقرأ هذه العبارة من جيل الستينيات يدرك معنى ما أقصده هكذا كنا عندما يتعلق الأمر بفلسطين، نحن جيل «أخي جاوز الظالمون المدى»!.
ذهبت فوراً بعد الاجتماع إلى أبي سليمان وأخبرته بما حدث وكنت أظن أنه سيذهب بنفسه وقد يصطحبني معه، لكنه سألني عن الموعد فقلت له: عند السابعة مساءً فقال: سيكون السائق عندك اذهب أنت هذه فرصتك كي تتعلم وتبرز، كان هاجسه الرئيس فتح المجال للأجيال الصاعدة لكي تشق طريقها. ذهبت عند الموعد المحدد وعند باب مقر السفارة وهي فيلا جميلة تتصدرها حديقة أجمل أحسست برائحة المشاوي العراقية تعبق في الشارع وعندما اقتربت من الضيوف لمحت عبدالله الجابر الصباح وزير التجارة في دولة الكويت ورئيس وفدها ومعه الدكتور القيسوني سلمت على الجميع وألقيت نظرة فاحصة على ما حولي كان أمام القيسوني كأساً من البرتقال وكأساً من الحليب للشيخ عبدالله الجابر، حياني السفير العراقي وهو الدكتور جاسم الوهابي وقدمني للدكتور عبدالكريم كنونة وزير التجارة في حكومة عبدالرحمن عارف وهو رئيس الوفد العراقي، وهو شخصية مرحة، عندما جاء النادل بإناء من فضه فيه كل أنواع المرطبات وأخذت كأساً من البرتقال وجدها الوزير فرصة للتندر مما أضفى جواً من المرح على الجلسة التي هدفها تنسيق الموقف العربي ضد العدو الصهيوني، انفض المجلس وذهبنا إلى العشاء ولا أذكر نقاشاً ذا معنى تم في تلك الأمسية خاصة أن مدير مكتب الجامعة العربية لم يحضر.
في الصباح الباكر دونت ما سجلته الذاكرة من ملاحظات في كراسة صغيرة وذهبت إلى أبي سليمان وعندما أخرجت الكراسة وبدأت الحديث وضع يده على كراستي وفاجأني بنفس الحديث والنصائح بدأها بعبارة ذات معنى يعادله بالعامية الفصحى «يا غافل لك الله» وعندا الإنجليز Wake up call وهي «بيض الله وجهك يا بوداود أنا أعرف أن الشباب لهم جوهم الخاص لكن إلى صار الواحد يمثل حكومته هكذا ينبغي أن يتصرف» كان رحمه الله يعلق على بعض مظاهر الضيافة العراقية وعلمت فيما بعد منه أن الشيخ عبدالله الجابر قد أحاطه علماً بما دار في الجلسة من أحاديث مختلفة بما في ذلك قفشات الوزير العراقي خاصة قوله لي «يابا أن يوم كنت قدك كنت في برلين أيام الحرب العالمية الثانية كنت أدور على مقاهي برلين كلها في ساعة وحده» هذه أضحكت أبا سليمان وأعادته إلى هدوئه ووجدتها فرصة كي أخبره أنني باقٍ لمدة أسبوع آخر لأن مهمتي محددة بأسبوعين وقبل أن ينقضي الأسبوع الثاني وردني من وزارة البترول تعميد يقضي ببقائي إلى نهاية المؤتمر، علمت بعدها من وكيل الوزارة المرحوم فهد الخيال الذي حل محل هشام ناظر بعد انتقاله للتخطيط أن هذا بناء على برقية بالشفرة أتت من نجدية دلهي عن طريق وزارة الخارجية وقد أسبغ فيها السفير عليّ من التقريظ ما أدخل السرور على رؤسائي في وزارة البترول.
توافد زملائي أعضاء الوفد واحتفى بهم معالي السفير أبو سليمان أيما احتفاء ولكل واحد منهم قصة، بل قصص يرويها لأبنائه وأحفاده.
وبعد: هذا هو السفير الأسطورة الذي عرفه الناس بمكارم أخلاقه، لكنني أردت في هذا المقال أن أحي ذكراه العطرة بملامح أخرى من شخصيته أنه باختصار مواطن غارق في حب وطنه، ولد الفقيد عام 1910م أي أنه كان في العشرينيات من عمره عندما وحد الملك عبدالعزيز هذه المملكة معتمداً على الله ثم سواعد الرجال من حوله وهو بهذا شاهد عيان على دور الطاقات البشرية في بناء الأمم، هاجس ظل يراوده كلما رأي شاباً يصعد درجات السلم.
هل قرأ السفير الراحل اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية 1961 أم لا؟ الله أعلم، لكنه بلا شك في كثير من تصرفاته أضاف إليها هوامش لا يستغنى عنها من لديه الرغبة في فهم الدبلوماسية الحقيقية ونفوذها الناعم.
وأخيراً أنا أعلم أن لدينا بعض السفراء الذين اقتربوا من حاجز الصوت في عالم الدبلوماسية أو اخترقوه مثل جميل الحجيلان وغازي القصيبي والأمير بندر بن سلطان، لكن أرجو ألا نقارن السفير الشبيلي بهؤلاء، فهم ينتمون إلى مدرسة مختلفة، ولنحكم عليه ضمن إمكاناته وظروف الزمان والمكان التي عاشها وعايشها وعلينا أن ندرك أن الدبلوماسية عملية معقده يطغى فيها الفن على العلم وسيرته العطرة مادة دسمه يتعلم منها جيل الشباب السفراء دروساً في الدبلوماسية لا يجدونها في بطون الكتب أو شاشات الجوال.
رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى، فقد كان عاشقاً لمهنته مخلصاً لوطنه، أشكره من أعماق قلبي على كل ما زرعه في نفسي من قيم رفيعة كانت نبراساً اهتديت به طيلة نصف قرن من العمل الدؤوب في خدمة وطن مكانه بين النجوم.