خالد محمد الدوس
تهتم العلوم الاجتماعية بدراسة السلوك الإنساني والذي يشمل جوانبه الاجتماعية والثقافية وتضم العديد من العلوم الإنسانية مثل علم الاجتماع وعلم النفس والخدمة الاجتماعية والاقتصاد والسياسة والتاريخ والجغرافيا الاجتماعية والاقتصادية.
وتعود العلوم الاجتماعية إلى الأصول الإغريقية واليونانية القديمة وتشكل تراثاً قوياً في تاريخ الفكر الاجتماعي بسبب استفسارهم العقلانية عن الطبيعة البشرية والأخلاق ولذلك فإن علاقة العلوم الاجتماعية بالمجتمع الإنساني علاقة تفاعلية باعتبارها تؤثر على بنائه ومستقبله من خلال تمويل البحوث والدراسات العلمية والآثار التي تترتب على الموضوعية العلمية.
ولقد اهتم عدد كبير من المفكرين والباحثين في الشرق والغرب بالدعوة إلى إثراء العلوم الاجتماعية ومنها علم الاجتماع.. ومن الباحثات في هذا المجال الدكتورة موضي شليويح العنزي عضو هيئة التدريس بكلية الآداب بقسم الدراسات الاجتماعية بجامعة الملك سعود، ممن أثروا هذا المجال الخصب بالمنجزات العلمية.
نالت د. موضي شهادة البكالوريوس في علم الاجتماع من جامعة الملك سعود، ثم درجة الماجستير بعنوان (أثر بعض العوامل الاجتماعية في التطوع لدى المرأة السعودية,) ثم الحصول على شهادة الدكتوراه في تخصص دقيق (التغير الاجتماعي ودراسات المستقبل) وكانت الرسالة بعنوان (أثر الابتعاث في تغير بعض القيم الاجتماعية لدى الطلبة المبتعثين) من الجامعة الأم (جامعة الملك سعود) كانت مجالات اهتمامها العلمي تتجه بوصلتها إلى (التغير الاجتماعي, والتنشئة الاجتماعية, الثقافة التطوعية، والتقاليد والعادات والنظم الاجتماعية، والضبط الاجتماعي، والأنماط السلوكية المختلفة للجماعات، قضايا المرأة المعاصرة, والأمن الفكري, والمشكلات الاجتماعية، أما في مجال الخبرات العلمية فقد شاركت في عضوية لجنة خدمة المجتمع, وعضوية اللجنة الثقافية بقسم الدراسات الاجتماعية بجامعة الملك سعود, وعضوية لجنة الجودة بكلية الآداب بقسم الدراسات الاجتماعية، وعضوية الدراسات العليا بقسم الدراسات الاجتماعية، كما حضرت د. موضي الخبيرة في علم الاجتماع بمجالاته العلمية ومنطلقاته المهنية العديد من الدورات والندوات والمؤتمرات وورش العمل في المجالات الاجتماعية والتنموية والتغيير الاجتماعي والثقافي والتقنية, والتطوعية والمسؤولية الاجتماعية، وعندما تتجه بوصلة إنتاجها العلمي في الصرح الأكاديمي بالجامعة الأم.. إلى ركن التأليف حيث قامت بتأليف كتاب (تمكين المرأة في المجتمع السعودي في ضوء رؤية المملكة 2030) يأتي منسجما مع معطيات الرؤية الطموحة بقيادة مهندسها وعرابها سمو ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- التي حرصت كل الحرص على مشاركة المرأة السعودية مشاركة فاعلة في القضايا المجتمعية حتى يمكن إحداث تقدم في المجتمع وتوفير قدر من الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة والمشاركة في صنع القرار. ونظرا لما توليه رؤية المملكة 2030 الاستشرافية من اهتمام خاص بالمرأة السعودية وسبل تمكينها, فإن هذا الكتاب (الأول من نوعه) الغني بمحتواه العلمي والمهني يسلط الضوء على أبعاد قضية تمكين المرأة السعودية اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وتعليميا وقانونيا, وتفسير إلى أي مدى يحتاج تمكين المرأة إلى إعادة النظر من الفاعلين في المجتمع، وأصحاب القرار وفعاليات المجتمع الأخرى بما فيها المرأة السعودية ذاتها, ولذلك جاء الكتاب الذي يقع في حدود (381) صفحة لتصويب نواحي القصورفي النظرة إلى موضوع تمكين المرأة السعودية في ضوء رؤية 2030، وترسيخ أهمية المرأة السعودية وتعزيز دورها المحرك في التنمية الوطنية الشاملة.
وبالتالي تعكس هذه الاتجاهات العلمية في (التغير الاجتماعي ودراسات المستقبل) أهمية هذا التخصص الدقيق من ضمن اهتمامات ميادين علم الاجتماع الذي يهتم بدراسة التغير في كلّ مظاهر الحياة الاجتماعية, وديناميات التفاعل الاجتماعي، وما طرأ من تغير كمي وكيفي في نمط التفاعل وفي المعايير الاجتماعية والقيم الأخلاقية خاصة وأن التغير الاجتماعي يتناول كل مقومات الحياة الاجتماعية والنظم والعلاقات الإنسانية، ويقوم التغير الاجتماعي على فكر واضح وعلى حشد قوي وعلى تخطيط دقيق، لبناء المجتمع الحديث الذي يستند إلى العلم والتكنولوجيا وهذا يقتضي المواجهة العلمية المستنيرة لما قد يتمخض عنه التغير الاجتماعي من مشكلات ومتناقضات ومطالب واحتياجات، وعصرنا الحالي يتسم بظهور العديد من المتغيرات في النواحي الاجتماعية والإنتاجية والتكنولوجية والثقافية وبالتالي اتباع الأسلوب العلمي في التحكم في مسيرة التغير الاجتماعي بحيث يكون تغيرا متوازنا متكاملا يفضي إلى التطور والنمو والتقدم.
إن البعد السلوكي لظاهرة التغير الاجتماعي هو البعد الذي يحدد بصورة فعالة حدوث التغير الاجتماعي المصحوب بتغير في قيم الناس واتجاهاتهم وعاداتهم السلوكية بما يتوافق مع النسق الاجتماعي الجديد، وتقابل عملية التغير الاجتماعي عملية الضبط الاجتماعي وهي العملية التي تحاول بها الجماعة أو المجتمع عدم التمكين لأي تغير غير مرغوب فيه أن يحدث وهي التي يتم عن طريقها توجيه سلوك الأفراد بحيث لا ينحرف عن معايير الجماعة حتى يتحقق التوازن الاجتماعي بما يسهم في البناء المجتمعي المنشود وتقدمه التنموي.