تمر حياتنا بمراحل عدة تتغير الاهتمامات وأولية الأشياء التي تتأثر بعامل السن والخبرات والتحصيل العلمي والوظيفي والمالي، ونسعى أن تكون مثالية على جميع الأصعدة، لكننا مع الأيام نفقد الوقت والصحة وتكون الخسارة مؤلمة عند اكتشاف ضياعها بدون إنجاز أو فائدة أو مردود مالي أو نفسي أو اجتماعي، خاصة عند إهدارها في خلافات وجدالات وخصومات ومناكفات تؤدي إلى علاقات هشة ومضطربة مع تضيع الوقت في السهر وقلة النوم والرياضة مما يضعف الصحة لتكون النتيجة في النهاية خسارة وبدون أي عائد على أي مستوى، لذا اعتقد أنه من أجمل الكتب ذات الدلالة والفائدة التي يمكن أن نتعلم منه الكثير من التجارب العملية، هو كتاب بعنوان «THE TOP FIVE REGETS OF THE DAYING» أي (أعلى خمس أمنيات للذين ينازعون الموت) وهو مترجم إلى اللغة العربية وهو من تأليف الممرضة الأسترالية بروني وير التي عملت مع المرضى الذين ينازعون في أيامهم الأخيرة، وخلال عشر سنوات دونت أمنياتهم التي ندموا على عدم تحقيقها واستخلصت منها خمس أمنيات تشاركوا فيها ووضعتها في هذا الكتاب، وتلخصت هذه الأمنيات الخمس باختصار في:
الأولى: إنهم تمنوا لو عاشوا الحياة التي يريدونها هم وليس ما يريدها الآخرون منهم، وقضاء وقت أكبر مع العائلة.
والثانية: إنهم لو لم يعملوا بهذه الكثرة من الوقت والجهد، فالوظيفة المرموقة أو المال يفقد بريقه عند الاقتراب من الموت والندم على أنه استحوذ على كل وقتهم دون استمتاع في حياتهم بشكل متعادل.
والثالثة: إنهم لو ملكوا الشجاعة في التعبير عن مشاعرهم الحقيقة دون كتمانها أو التحفظ عليها خوفاً من المشكلات أو الإحراج أو المكانة الاجتماعية لأنك ستفقد علاقات لم تعطها حقها في التعبير.
والرابعة: ندمهم بالبعد عن أصدقائهم الحقيقيين وعدم التواصل معهم وانشغالهم في الحياة العملية وعلاقات مع زملاء عمل تتلاشى مع التقاعد، فتمنوا لو خصصوا حداً أدنى من الاهتمام والحرص على هذه الصداقات الحقيقية.
والخامسة: إنهم لو كانوا أكثر سعادة واستمتاعاً بكل لحظة في حياتهم بعيداً عن تأجيلها لتحقيق أهدافهم والخشية من رأي الناس فيهم والعيش بشكل متحفظ والذي يمنح شعوراً زائفاً بالسعادة.
فهذه الكتب والسير وحكايات الناس والأمثال والحكم المختلفة تعطيني دروساً مجانية للاستفادة منها وتجنب كثير من الأخطاء وإهدار الوقت والصحة على «تجريب المجرب»، لنحرص أن نقرأ ونتعلم الدروس من تجارب الآخرين وحكاياتهم ولندرب أنفسنا دوماً بأن نكون طاقة إيجابية محفزة مع إنصاف كل من يحيط بنا وتقدير ومدح كل سلوك إيجابي لهم بالقول والفعل ودعمه دون تأجيل أو إحراج أو خجل ونتجنب تصيد الأخطاء والتفتيش والنقد المستمر خاصة في العلن، فهذا لن يمنحنا أي سعادة أو قرب منهم بعيداً عن فكرة (يا بخت من بكاني وبكى عليا ولا من ضحكني وضحك الناس عليّ) ولنتعود على اختيار ردود أفعالنا المحفزة والإيجابية وأن نغلف كلامنا بعبارات الود والمحبة ولنجرب دوماً أن نجالس الآخرين ونستمتع بأحاديثهم وآرائهم ولاستفادة منها أو أضعف الإيمان الاطلاع عليه، ولنعش لحظات السعادة واستغلالها لأقصى مدى وألا نبخل بالمدح لكل فعل وموقف إيجابي ونتعود على الكلام الجميل لأنه يفتح القلوب والعقول، متمنين أن تكون أهدافنا التي نصبو إلى تحقيقها ذات قيمة وعائد وسمعة وخير لأن رصاصها غالٍ وثمين فهي ذخيرة من أيامنا ومالنا وحياتنا ولنستفد من مقولة الدكتور غازي القصيبي رحمه الله: «ستدرك في وقت متأخر من الحياة، أن معظم المعارك التي خضتها لم تكن سوى أحداث هامشية أشغلتك عن حياتك الحقيقية، فأجعل هذا الإدراك مبكراً».
** **
- عطية محمد عطية عقيلان