عبدالكريم الحمد
بلا شك أن هواية «اقتناء الصقور والصيد بها» عُرفت لدى العرب منذ مئات السنين مما جعلها تتصدر أهم الموروثات التاريخية العربية واستحواذها على جزء مهم في خريطة ثقافتهم الأصيلة والمتواصلة على مرّ الزمان من جيل إلى جيل حتى يومنا الحاضر، وبحسب الاحصائيات الأخيرة فإن ما يقارب 20 ألف صقّار يمارسون تلك الهواية في السعودية في ظل ما وجدوه من دعم من القيادة الرشيدة ممثلة بخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين منها صدور الأمر الملكي بإنشاء نادي الصقور السعودي، حيث يهدف النادي للمحافظة على التراث التاريخي والتقاليد المرتبطة بثقافة الصيد بالصقور ولعب أدوار تتعلق بالتوعية والتدريب والبحوث وبرامج العمل لحماية الصقور وازدهار رياضة الصيد بها لتبقى إرثاً يُتوارث في المملكة جيلاً بعد جيل.
ومن مميزات إنشاء نادي الصقور المهمة في رأيي هي تنظيم الحراك المالي في هذا المجال، كون العرض والطلب بات يشكّل عجلة اقتصادية واسعة وجاذبة وبأسعار مالية مما يستدعي مراقبتها تحت مظلة رسمية وإغلاق الطريق على تجارة السوق السوداء وهذا ما نراه اليوم إبداع وتميّز في التنظيم على أرض مهرجان الملك عبدالعزيز في ملهم شمال مدينة الرياض في «مزاد نادي الصقور السعودي» الذي يُعد أول مزاد رسمي تحت مظلة النادي، حيث سعى منظموه إلى توفير خيارات متنوعة وواسعة للمهتمين باقتناء الصقور، حيث فاقت مبيعاته الخمسة ملايين ريال ونصف المليون حتى الآن، حيث تهدف هذه الخطوة إلى دعم وتطوير آلية الاستثمار في مجال الصقور بالمملكة، بالإضافة إلى تعزيز هواية الصيد بالصقور ودعم المهتمين بها وسط اجراءات احترازية تشمل كافة طاقم العمل والقائمين على تنفيذ المزاد والمشاركين والزوار للحد من انتشار فايروس كورونا.
قرأت واستمتعت بكثير من معلومات وحيثيات فعالية «مزاد نادي الصقور السعودي»، ومن تلك التفاصيل التي شدتني أن الصقّارين في الجزيرة العربية يقسّمون صقور الشواهين إلى نوعين (شاهين بحري) و(شاهين جبلي)، ويمتاز البحري بأنه أكبر أنواع الشواهين ذات اللون الفاتح يهاجر إلى جزيرة العرب من أماكن تكاثره، أما الجبلي فيميل اللون الغامق ويستوطن ويتكاثر في جبال الجزيرة العربية، كذلك يمتاز الشاهين بكونه أسرع الطيور في العالم وقد تصل سرعته إلى 320 كلم في الساعة وتوجد منه ما يقرب 19 فصيلة، لذا ارتكز واقتصر نادي الصقور في مزاده على بيع الشاهين فقط (فرخ) و(قرناس).
قبل الختام..
شعور جميل أن تتباهى ببلد يحافظ على موروثه الثقافي والتاريخي ويصدّره للعالم كجزء من هويته، ومشاعر أجمل أن تكون ممّن ينقلون تلك الرسالة.