في هذا العصر الذي أصبحت فيه النواحي العاطفية، غير مستقرة.. تروق المادية في نظر الناس حتى أصبح الناس يتطلعون إلى كل ما تملكه أيديهم. حتى ما لا يرجونه لأنفسهم.
إذن ماذا يفعل الإنسان للظفر بهدف أو أكثر يؤمن بأنه يفضي به إلى السعادة؟
على المرء أن لا يرسل نظره إلى أعلى كثيراً ولا أسفل كثيراً، بحيث لا تشمل نظرته أهدافاً كثيرة. وليكن الحب أول أهدافه دون أن يشرك فيه عددًا من الأولاد، ومنزلاً أنيقاً رفيع البنيان، وآلاف الريالات. أبحث عن الحب الصحيح ومن المرجح أن معظم رغباتك ستتحقق عن طريقه بحالة سليمة وبشكل طبعي.
فنحن نسمع إحدى الفتيات تتحدث عن أحلامها فتقول: «إني أريد زوجاً طويل القامة، وسيم الطلعة، قوي البنيان، مهذباً كيساً، له مرتب كبير حتى أستطيع أن أستقدم بعض الخدم ولا أقلق بسبب المال، وأن يكون زوجي ممن يحبون البقاء في المنزل ولا يحبون الخروج منه إلى الاستراحات و المنتديات لمجالسة أصدقائه وتركي وحيدة مسكينة في المنزل. وأريد أن أنجب ثلاثة بنين وبنات، وأن تكون لنا سيارة أنيقة».
طبعاً لا تتحدث فتاة واحدة بكل هذه الآمال، ولكنها آمال تجول في قلوب كثير من الفتيات بنوع عام. ومثل هذه الآمال إذا لم تتحقق كلها أو بعضها فإنها تسبب عادة شقاء النفس والسخط والتذمر.
يقول دايل كارنيجي في كتابه (كيف تكسب الثروة والنجاح): ليس هناك من شك في أن نظرة الإنسان إلى السعادة تتغير كلما تقدمنا في السن، فليست آمال من هو في الحلقة الثانية من عمره كآمال من تجاوزها إلى الحلقة الثالثة أو آمال من عضّ على ناجذيه وتخطى عهد الشباب.
على أن ما نرضاه كحالة سعيدة يتوقف إلى حد ما على ما يمنحنا التوفيق في مختلف سني حياتنا.
إن كثيرًا من الشاب يتطلع أن يكون له منزل في مدينته ومثله في قريته، وأن تكون لديه أكثر من سيارة، وأن يجري المال في يديه أنهاراً. بيد أنه حين تكبر به السن يحس بالقناعة والرضى بالقليل من هذه الأمور، ويرجو أكثر ما يرجوه أن ينعم الله عليه بالصحة.
حين تبحث عن السعادة لا تطلب الكثير، وليكن ذهنك صافياً ثم فكر في أولئك الذين ظفروا بما كنت تريده، واسأل نفسك هل هم سعداء حقاً؟ ولا تخدع نفسك فتقول إنك غيرهم وأنك مختلف عن القاعدة العامة. فهذا هراء وكلام لا يمكن الوثوق به. فقد ترى أغلب أصدقائك مثلاً أشقياء في حياتهم الزوجية فتقول: «ولكني مختلف عنهم» فمن أين لك هذا القول وما الذي يجعلك تحسب أنك وشريكك في الحياة الزوجية ستكونان مختلفين؟ وما يكون مصيرك إذا لم يتحقق قولك ويصدق؟
إذن: فكر بهدوء دون أن تخدع نفسك وتعللها بآمال لست واثقاً من تحقيقها. واستخدام تفكيرك السليم في البحث عن الأسباب التي توقن أنها ستنيلك السعادة، ثم اعلم بعد ذلك أن السعادة شيء غامض، وأن لها وجوهاً عديدة، وأن من العسير اقتناصها أو فهمها، وأنها لا تدوم طويلاً. إنك إذا أيقنت بهذا ووضعته نصب عينيك فلن تحس بخيبة أمل مريرة.