م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. للنص جغرافيا مثل ما أن له تاريخاً.. وله مناخ مثل ما أن له تضاريس.
2. النص له حالات.. فهو يضحك ويتحرّك ويتثاءب وينفعل ويَكْذب ويحزن ويفرح ويخدع ويَصْدُق.. فالنص يتشكَّل كما يتشكَّل الإنسان.. بطبيعته وظروفه ومحيطه وزمانه ومكانه.
3. النص يمكن أن يرتفع شاهقاً ويمكن أن يهوي سحيقاً.. يمكن أن يساعد أو يخذل.. ويمكن أن يدفع أو يعيق.. يمكن أن يكون نصاً مقتضباً أو نصاً مسهباً.. أو يكون مباشراً أو مليئاً بالاستطرادات والحواشي.. النص يمكن أن يكون كل ذلك.
4. هناك نصوص كالغابات مكتظة مزدحمة بالأشجار السامقة العالية.. وهناك نصوص جافة كالصحارى اليباب.. ونصوص كلماتها ملتفة وتراكيبها متنافرة.. وأخرى كلماتها مباشرة وتراكيبها متناسقة.
5. هناك نصوص كالأدغال فيها فخاخ وعُقَد وحبائل تعيق القارئ عن الاستمرار في الحركة.. وتتعبه في تسلّق أفكارها أو القفز من خلال حبالها المتدلية.. تقابلها نصوص كسراب الصحراء يغريك للتقدّم لكن بلا وصول.. تطارد لمعان المعاني لكنه يتفلت منك كتَفَلُّت حبات الرمال من بين أصابعك.. أو نصوص يمسك بك كاتبها من يدك من أول السطر ولا تدري إلا وأنت قد ختمت نصه بسهولة ويسر.
6. ثم هناك النص المتثائب الذي يدفعك للنعاس ويؤثِّر فيك أكثر من فعل حبة المنوم.. حيث تُصاب أعصابك بالخدر حد الإغفاء.. فتمل ويتحول شغفك بالقراءة إلى ضجر.. فترمي بالنص بعيداً.. لأنه ليس وقت النوم.
7. هناك نص تحس أنه خطاب يقرأه كاتبه بصوته.. وهناك نص تحس أن هناك من هو خلف كتابته.. وهناك نص كأنه بلا كاتب.. فالذي كتب الموضوع هو الحديث لا الكاتب.
8. هناك نص مُجَامِل وآخر عدائي، وثالث اقتحامي، وآخر يحوم حول الحمى يداور ويناور قبل أن يقول ما يريد أن يقول.. وهناك نص منظم وآخر فوضوي وثالث متجاوز للحدود.
9. هناك نص بلا هوية.. يمكنك وضع أي اسم عليه وأي تاريخ وأي منطقة جغرافية.. وهناك نص يعلن عن نفسه وكاتبه وتاريخه ومنطقته الجغرافية من السطر الأول.
10. هناك نص محايد وآخر منحاز.. نص لا يشير إلى موقف ولا إلى لون فهو رمادي يقف في المنتصف.. لا يوصلك إلى جهة بل يتركك، حيث لقيته لم يتجه بك إلى أي اتجاه دون أن يساعدك في اتخاذ أي قرار.. ولا تستطيع منه معرفة هل موضوعه مفرد أم جمع وهل هو من الماضي أم الحاضر!
11. هناك نص بارد.. وهناك نص دافئ تنبض كلماته بالأحاسيس وتفيض بالمشاعر.
12. وهناك نص ليس كالنصوص.