عمرو أبوالعطا
الانتخابات الرئاسية الأمريكية الـ59 التي تجرى كل أربع سنوات. والمقرر إجراؤها يوم الثلاثاء 3 نوفمبر من عام 2020، سيختار الناخبون رئيسا جديدا ونائب رئيس جديد من خلال الدائرة الانتخابية أو إعادة انتخاب المرشحين المنتهية ولايتهم، والرئيس الأمريكي لا ينتخب بشكل مباشر من جمهور الناخبين الأمريكيين، بل يجري انتخابه عبر ما يعرف بالمجمع الانتخابي، ويُهيمن حزبان فقط على النظام السياسي في الولايات المتحدة هما «الجمهوريون والديمقراطيون» وينتمي الرئيس دائماً إلى أحدهما حصرا، ويعتبر المرشحان الحاليان للرئاسة هما (ترامب وبايدن) في السبعينيات من العمر، وسيكون ترامب قد بلغ من العمر 74 عاماً في بداية ولايته الثانية إذا فاز في الانتخابات، بينما سيكون بايدن في الـ78 من العمر وسيكون أكبر رئيس في تاريخ البلاد.
تعتبر المناظرة التي أجريت بين «ترامب وبايدن» من أكثر المناظرات التليفزيونية فوضوية، حيث اتسمت بشراستها منذ اللحظة الأولى وهيمنت عليها الإهانات الشخصية بين المرشحين، وسعى بايدن، الذي يتصدر استطلاعات الرأي حتى الآن، إلى ربط ترامب بشكل مباشر بجائحة كورونا، التي أودت بأرواح أكثر من 200 ألف شخص في الولايات المتحدة، البلد الأكثر تسجيلاً للوفيات الناجمة عن الجائحة في العالم أجمع، وشملت العلاقات مع روسيا والتعامل مع جائحة فيروس كورونا ونزاهة الانتخابات الرئاسية وقضية إصلاح نظام الرعاية الصحة وإنعاش الاقتصاد.
أصيب ترامب بفيروس كورونا اليوم التالي من المناظرة، وتم نقله إلى مستشفى عسكري خارج واشنطن لتلقي العلاج، ويبدو ما حدث جاء في مصلحة بايدن الذي انتقد تعامل ترامب مع كورونا واستهانته بالإجراءات الاحترازية، وأثير الكثير من التساؤلات حول مستقبل الانتخابات الأمريكية، وينص الدستور الأمريكي على أن يتولى نائب الرئيس الأمريكي منصب الرئيس حال وفاة الرئيس أو عجزه الدائم عن القيام بمهامه التنفيذية لسبب طبي أوالاستقالة، وقد حدثت حالات مشابهة مع 9 نواب رؤساء من قبل، لكن ذلك سيكون لفترة قصيرة جداً تعد بالأيام في حال الحدوث، لأن الانتخابات مرتقبة بعد شهر، كما أن الزعماء الذين أصيبوا بفيروس كورونا الذين أصيبوا تعافوا من المرض، ومنهم من أوكل مهامه لمن ينوب عنه ريثما يتماثل بشكل تام للشفاء، وفي حال ساءت حالة ترامب الصحية من جراء الإصابة بفيروس كورونا، واتجهت الأمور إلى تغييرات بارزة، فإن الاقتصاد الأمريكي قد يتكبد ضرراً كبيراً، وهذا التراجع سيكون هدية للتنين الصيني الذي يزحف نحو صدارة الاقتصاد العالمي.
من ناحية أخرى «فرب ضارة نافعة لترامب» سيكتسب ترامب تعاطف الكثيرين من الناخبين والانشغال في وقت مهم كهذا بأخبار صحة الرئيس أكثر من حال الانتخابات نفسها، وقد أصيب ترامب وزوجته بالفيروس، بالإضافة إلى إصابة بعض أعضاء فريق حملته الانتخابية وجهازه التنفيذي.
أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة غضب بعدما أشار إلى أنه قد لا يقبل بنتائج انتخابات 3 نوفمبر إذا تعرّض للهزيمة، وأصر في مناسبات مختلفة على أن الديموقراطيين سيستولون على عشرات الملايين من بطاقات الاقتراع المرسلة بالبريد لتزوير نتائج التصويت، وأتفق مع ترامب في هذه النقطة، نظراً إلى الارتفاع الهائل في عدد الأصوات المرسلة عبر البريد بسبب فيروس كورونا والأنظمة غير المختبرة مسبقاً للتعامل مع هذه الأصوات، قد تكون نتائج الانتخابات المبكرة غير مكتملة وعرضة للطعن.
ومن الجانب الآخر تقدم المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية جو بايدن على الرئيس الحالي دونالد ترامب، في جميع استطلاعات الرأي التي أجرتها «صحيفة نيويورك تايمز» ووكالة «رويترز»، وبايدن هو سياسي أمريكي نائب رئيس الولايات المتحدة الـ47 في الفترة من عام 2009 إلى 2017 أثناء حكم الرئيس باراك أوباما وهو عضو في الحزب الديمقراطي، ومثَّل ولاية ديلاوير كسيناتور من عام 1973 حتى أصبح نائب الرئيس في عام 2009.
تستند رسالة بايدن إلى حد كبير على ارتباطه بأوباما الذي لا يزال يحظى بشعبية، وسياساته المعتدلة في أوقات الانقسام، لكنها تتميّز بجانب إنساني مؤلم، في تناقض كبير مع أسلوب ترامب الواثق والذي يصوّر نفسه على أنه لا يقهر.