د. عبدالرحمن الشلاش
أكثر من ستمائة حديقة العدد التقريبي للحدائق في جميع أحياء مدينة الرياض حالياً ويُضاف إليها الساحات وممرات المشاة. لا أملك أمام هذا العدد الكبير إلا تقديم الشكر لأمانة الرياض. هذا العمل الجبار الذي أنجز خلال السنوات الماضية وشارك فيه أكثر من مسؤول وإداري وفني واستهدف إنسان العاصمة تحقيقاً لجودة الحياة هو محل تقدير الجميع سواء سكان الرياض من مواطنين أو مقيمين، أو من الزوار القادمين من خارج المدينة، فقد أتاحت تلك الأماكن الجميلة للجميع من رجال ونساء كبار وصغار الفرص للترويح والتنفيس عن أنفسهم وعن عوائلهم، وممارسة رياضة المشي واللعب، وتنشيط حركة البيع والشراء.
قبل سنوات قليلة كنا نحلم بمثل هذه المشروعات. أغلب الناس كانوا يجلسون على الأرصفة، أو في المناطق البرية يبحثون عن ظل شجرة، أو الجلوس في مناطق خطرة، أو بعيدة جدًا. اليوم تجد في الحي الواحد على الأقل حديقة، وأكثر من ممشى، وملاعب لممارسة الشباب الكرة، وملاعب للأطفال، لا يفصلك عنها إلا بضعة أمتار وبإمكانك وأي من أفراد أسرتك ارتيادها يومياً وقضاء أوقات جميلة.
مناظر تسر الناظرين. في نهاية الأسبوع تزدحم كل الحدائق. لا تجد مكاناً تجلس فيه. الجميع يرغبون في قضاء أوقات فراغهم مع عائلاتهم أو أصدقائهم في أماكن عامة أعدتها الأمانة بطريقة تضمن توفير الراحة قدر المستطاع. أفرح كثيراً عندما أشاهد كبار السن يرتادون هذه المتنزهات على شكل مجموعات. مجموعة من كبار السن يجلسون في مكان اختاروه لتجمعهم اليومي يتبادلون الأحاديث ويشربون القهوة والشاي.
رغم الجهود الكبيرة التي بُذلت لإنجاز كل هذه المتنزهات وبأحدث الطرق إلا أن ثمة ما يهدِّد بقاءها لفترات أطول. للأسف فثقافة مجموعات كبيرة من روادها في الحضيض؛ فآخر ما يفكرون فيه المحافظة على هذه المرافق والبيئة المحيطة، وبعضهم يقدمون على التخريب عن سابق إصرار وتعمّد، فتكسير الأرصفة وقطع الأشجار وتدمير دورات المياه مظاهر تتكرَّر في كل المرافق، هذا غير رمي النفايات من قشور وعلب فارغة وإراقة بقايا المشروبات والعبث بالنجيلة التي أصبحت في حالة يُرثى لها في أكثر من حديقة، وترك الأطفال يقودون دراجاتهم ويلعبون الكرة في الممشى، معرضين أنفسهم ومَن يمارسون المشي للخطر!
أعتقد أن هذه المرافق التي كلّفت الدولة الكثير بحاجة عاجلة للصيانة والإشراف المباشر وإدارتها بطريقة احترافية كي لا يأتي اليوم الذي تتحول فيه إلى أكوام من الخرسانة والتراب من أعداء البيئة وهواة التخريب.