علي الخزيم
من الموقع الإلكتروني لوزارة الصحة السعودية يمكنك أن تجد تعريفاً لمفهوم (الصحة النفسية) بأنها: جزء مهم لا يتجزأ من الصحة العامة ولا تكتمل بدونها، وأنها تشمل السلامة العاطفية والنفسية والاجتماعية المؤثرة بطريقة التفكير والشعور والعمل والتواصل مع الآخرين، كما أنها تساعد على تحديد كيفية التعامل مع الإجهاد والضغوط، واتخاذ قرارات صائبة، فالصحة النفسية بهذا الوصف والتعريف مهمة أثناء مراحل الحياة كافة، وفي العاشر من أكتوبر من كل عام يتم الاحتفال دولياً بهذا الشعار الهادف لرفع مستوى الوعي بقضايا الصحة النفسية، وتفعيل الجهود الداعمة لمواجهة الاعتلال النفسي بالمجتمع والحد من مشكلاته وأعبائه الاقتصادية والأسرية، ولتمكين وفرة الخدمات الناجعة بهذا المجال المهم جداً.
وبعد: فمن حق من ابتلي بمثل هذا الاعتلال (العقلي والنفسي) على الأسرة والمجتمع والمؤسسات الرسمية والأهلية أن يجد من الجميع جهوداً متضافرة متكاملة تحيطه بالرعاية الشاملة لئلا يجد نفسه تحت سيطرة الأوهام والتخيلات والصراعات الخارجة عن الواقع السَّوِي، وكلما اتسعت دائرة الإهمال والتقاعس من الجهات المعنية بهذه الفئة تتفاقم حالاتهم وتتزايد، ويسيطر المرض على أغلبهم ليصل بهم إلى مراحل متأخرة من اليأس والعدوانية التي تُجَرِّئهم على ارتكاب المحاذير وأول من يصل أذاهم إليه أقرب المقربين إليهم، عندها لا ينفع التلاوم بشأن تحديد المسئولية تجاههم، ومع اليقين بأن وزارة الصحة السعودية والجهات ذات العلاقة بشأنهم لن تقصر برعايتهم؛ الاَّ أن ما تنشره الصحف عن مثل هذه الحالات وممارساتها الخطرة يستدعي أسئلة منطقية تدور حول تكامل وتعاضد جهود الجهات المختصة برعاية وعلاج وإيواء المُعْتَلِّين نفسياً وعقلياً، ودورها بالتواصل مع أسرهم؛ وهل فتحت قنوات لإرشاد وتوعية ذويهم بما يمكن عمله للتعاون معهم بهذا الشأن للعناية بهم أولاً ولدرء مخاطرهم عن أنفسهم وذويهم والمجتمع، وتحاشي كثير من القضايا الناجمة عن عدوانيتهم (دون إرادتهم) التي تُشغِل أسرهم والجهات الأمنية والقضائية والصحية وتكلف الكثير من الآلام والجهد والمال والوقت؛ وهو ما كان يمكن تداركه باتخاذ التدابير الوقائية والاحترازية الاستباقية لمثل هذه الحالات بالتعاون مع أسرهم وبسَن قوانين وأنظمة تلزم الأسرة بالتبليغ عن المصاب والسعي لعرضه على الجهات الصحية المختصة، فإما العلاج وإما الانتقال لمراحل تُقدرها الجهة المعنية بالرعاية والاحتواء، وهو حق مشروع لمثل هؤلاء المعتلين -شفاهم الله.
وحين يكون الحديث عن يوم عالمي يُذكِّرنا بهذه الفئة؛ فإنه لا يغيب عن البال أن في مضامين الشرع والدين الإسلامي الحنيف ولدى دوائرنا المختصة ما يغني عن ذلك، غير أن المطلوب هو تفعيل وتنشيط نُظُم وأعمال هذه الدوائر لتنهض برعاية هؤلاء المُعْتلّين بكل السبل والمجالات الممكنة، وأن لا تنتظر من يُذكِّرها بين حين وآخر، ومعلوم أن التراخي والتكاسل عن معالجة هذا الأمر سيؤدي حتماً إلى تفاقمه، وقواعد ومفهوم درء المخاطر واستباق مواجهة ما يُعد خطراً قادماً هي ثقافة المسئول الناجح، فالمبادرة بالحلول الناجعة واستمرار تطويرها تُغْني عن تجشم دروب صعبة مستقبلاً، ومن الخطأ الالتفات باهتمام مَحَليَّاً للأيام المُخصَّصة للحمضيات والقَرْع؛ والصدود عن أبنائنا المضطربين عقلياً ونفسياً.