التطوع هو أن تكون لذة العطاء أجمل من لذة الكسب، فحين تتطوّع من أجل خدمة الناس وإسعادهم، دون السعي للحصول على مقابل أو ثناء، هنا يكمن معنى العطاء.
ابتدأ مشواري التطوعي في المجال الخيري في مكة المكرمة والمدينة المنورة، مع فريق تطوعي حيث كُنا نتطوع في تجهيز وتوزيع إفطار للصائمين في شهر رمضان المبارك كل عام، فشاركت في المبادرة الخيرية لأكون قد جربت شيئاً جديداً في الحياة ووُفقت بكسب أجر خدمة مرتادي بيوت الله وكسبت كذلك مهارات التواصل مع مختلف الثقافات.
كأي عمل جديد على الإنسان، لابد من تحمل الصعوبات والتحديات الميدانية العملية، ويجب تجاوزها والتعلم منها، وتحسين مهارات التواصل مع الآخرين لمعرفة ما يرغبون به قبل أن يطلبوا، ومنها تعلمت مفردات من عدة لغات مختلفة.
أحببت العمل التطوعي فقررت الانتقال إلى التطوع في الحج وخدمة حجاج بيت الله الحرام، وعملت في البداية خلال خوض هذه التجربة العظيمة مشرفاً، على الحجاج وتدرجت من مفوج إلى مسؤول التفويج، وانتهى بي المطاف بعد عدة سنوات مشرفاً عاماً في إحدى حملات الحج غير الربحية، أثار ذلك لدي شعوراً بالسعادة والحماس للعمل بكل ما أُوتيت من قوة لخدمة جميع الحجاج بحماسٍ وابتسامة.
مع مرور الوقت توسعت مهامي والمسؤوليات المناطة بي، بالتزامن مع التحديات في ساحة العمل، حيث عرضت علي الشركة العمل معها رسمياً فوقعت معي عقد عمل إذ كنت مشرفاً عاماً على حوالي 2000 حاج وكان علي إدارة 150 موظفاً على مدار الساعة، لضمان إسداء الرعاية والاهتمام لجميع الحجاج.
لم تكن تلك التجربة في هذا المجال هي الوحيدة لي، بل عملت في عدة مجالات كمتطوع، منها: (القطاع الصحي - القطاع الخدمي- القطاع التعليمي - القطاع غير الربحي).
شعرت بإحساس النجاح خلال عملي التطوعي لعدة سنوات وهو شعور يغمر كل من يقدم على مثل هذا العمل غير الربحي، وبعد تجاوز التحديات الشخصية، وخوض المساهمة في المنفعة العامة أصبحت شخصاً اجتماعياً يشعر بتحمل المسؤولية، وقيادياً في مهام كثيرة على أساس الإيمان بروح الفريق، والإيمان بأن العطاء لا نهاية له.
{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} (الزلزلة – 7)
أكسبني التطوع خبرات كثيرة، وتراكمت لدي تجارب عملية وتطبيقية في مختلف الأماكن التطوعية التي عملت بها لعدة أعوام، وحثني على الإقدام على العمل غير الربحي كلما سنحت الفرصة بذلك، خاصة أنني مدرك بالنفع الذي يرافق مثل هذه الأعمال وتأثيره على المجتمع وعلي أنا على حد سواء. شعور الإنسان بالرضا الداخلي أثناء خدمة المجتمع، خاصة من خلال ردة فعل الناس، يترك لدى الإنسان أثراً طيباً لا يوصف في جميع اللحظات، أثناء العمل حتى الخلود إلى النوم إذ لا تفارق الابتسامة محيا الإنسان، وهو شعور لا يقدر بثمن.