إن إثراء حصيلة الطالب المعرفية هي الغاية الأساسية في التعليم، والتي تعتمد على حقائق قائمة على الاكتشاف والتجارب العلمية الرصينة التي تحفز عقليته وتوسع مداركه نحو التخيل الذي يؤدي إلى الابتكار والإبداع.
ويعد الجانب الأدبي جزءا من هذه العملية التعليمية لما له من أثر كبير في شخصية الطالب من ناحية القول والفعل والسلوك بشكل عام، الذي يقوم على الصنوف المتنوعة من الشعر والنثر والإنشاء، والذي يؤخذ عادة من الإنتاج الأدبي الرصين والهادف الذي سطره أعلام مشهورون وضالعون في اللغة العربية على نحو كبير، ولسنا هنا بصدد حصر هؤلاء الأعلام وذكر إنتاجهم، بل الإشارة إلى أن هذا الإنتاج من الأدب يقوم على ترسيخ مبادئ فاضلة في أساس ذهنية وعقلية الطالب التي ترتقي بشخصيته في الأخلاق والفصاحة والبلاغة والسلوك الحسن، ولكن هناك جانب سلبي في التعليم الأدبي قد يراه البعض أنه محفز لمدارك الطالب في محتوى نعتقد أنه مدمر لسلوكه المرتبطة بالأخلاق وخاصة في المرحلة الدراسية المبكرة من خلال حكايات عن الحيوانات.
ففي مرحلة الطفولة البريئة والتي تعد صفحة بيضاء تغذى بالمكر من خلال حكايات متعددة والتي من ضمنها حكاية (الثعلب المكار)، ومع أننا ندرك أن الثعلب حيوان بعيد عن مفهوم المكر، إلا أننا زرعنا فيه هذه الصفة التي هي متأصلة عند بعض البشر وليس الحيوان، فكيف نقوم على تنشئة الطالب على هذه الصفة والتي هي تأتي من الخداع الذي يعرف على أنه إيصال المكروه للإنسان خفية الذي يبقى في انه ليس من صفة الإنسان المسلم القويم، ولن نتوقف عند هذا الذي يوجد فيه أمثلة كثيرة بل سوف نذكر جانبا آخر هو في سلبيته، وهو أن هناك حكايات خرافية ترتبط بالجن والعفاريت والسحر تروى من باب التسلية والترفيه، ولكنها أحيانا تؤثر على عقلية الطالب من الناحية النفسية عندما يتحول الخيال إلى خوف وإرهاب لشخصية الطالب، وهناك دراسات أثبتت ما مدى ترسب هذه الحكايات في عقلية بعض الطلاب حتى وهم في أعمار متقدمة تنسب جزء منها إلى الأسرة التي ثقافتها متدنية تعليميا، مع الأسف أصبحت هذه الحكايات في وقتنا الحاضر تطل علينا عبر الكثير من الأفلام السينمائية التي يهمها الربح المادي في مشاهد مبهرة تحتوي على قصص ذات محتوى من السحر والشعوذة، وفي غياب رقابة الأسرة الصارمة فإن الأثر يتعاظم يوما بعد يوم على عقول الصغار والمراهقين، ويا ليت هذه الأفلام تولد الخيال المفيد بل إنها تولد خيال الرعب والخوف ، فيتحول هذا الذي يطلق عليه (ترفيه وتسليه) إلى عامل أساسي في اضطراب الشخصية لدي أي فرد مع تنامي عمره وتعرضه لمواقف سلبية في حياته يربطها أحيانا مع استرجاعه لأحداث شاهدها في تلك الأفلام بحيث يسقطها على البيئة التي يعيش فيها، ويصاب بصفات نفسية مختلفة تكون مؤثرة على مسار حياته وتفاعله الايجابي مع محيطه.