د. خيرية السقاف
«ماكرون» يتمظهر كثيرًا, يسعى لاكتساب المنصب, يتحرك حيث يبث وقودا لمسيرته..
فلا المدنية, ولا الديمقراطية, ولا الإنسانية, بل إضافة إلى أية عقيدة تبيح له ما يفعله, بالتعميم لا بالتخصيص من منطلق عقيدة واحدة ربانية عن كل الأديان السماوية {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، إذن فلا يؤخذ «دين» بكليِّته ومن يدينون به من أجل خطأ مارق أو ثلة يدينون به..
لا أجدني مكررة لما قيل, ويُقال عمَّا يحدث عن هذا النموذج من القادة الذين يتمظهرون لينال تصريح شعبه ببقائه في مقعده, ولا يعنيني كثيرًا موقفه من «الإسلام» كلية, وليس فقط اقتصاره على المارقين من المنتسبين إليه، ولا إلى المسيئين للإسلام ديناً ختم برسالة محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام, ولا للمسلمين الخلَّص في اتباعه عينهم, إنما يعنيني أن أسأل: هل الجعجعة تعطي عن الرحى طحيناً حين لا بذور فيها لطحنها؟..
أما المسلمون اليوم هل هم يتبعون سنة محمد بن عبدالله في كامل سلوكهم فيعلمون أنه الذي واجه الإساءة بالصبر, والسفه بالتجاهل, والأذية بالحسنى بتوجيه رب العالمين الذي بعثه للأرض ومن عليها..؟
إنهم لو اتبعوه لما مرق مارق منهم بأذى, ولا تعدى بجريمة, ولكان نموذجًا للخلق, وللسلام, وللأمان, وللقدوة الحسنة..
فدعوة محمد جاءت بالسلام, وللسلام, أما اليوم فنعيش في جاهلية عالمية بدين الإسلام, وإنه ليس من ينشر رسالته غير سلوك المسلمين, وأخلاقهم في التعايش, والتعامل, هؤلاء المسلمون الذين يعيشون في غير بلاد الإسلام, هم حيث يكونون الرسل المؤتمنين عليه في المسلك, والفكر, والتعامل, والأثر..
أما «محمد بن عبدالله» صلى الله عليه, وباركه, وسلمه, وحماه, وكفاه, وأعزه فقد تولاه ربه بالعصمة, والحماية, والكفاية من كل أذى, والتنزه من أية إساءة يُريدونه بها, فلن تمسه وهو المحمي في الغار, المنصور بربه العظيم, رب هؤلاء الخلق أجمعين, رب الرئيس, والرسام, والناشر, والباغض, والمستهزئ صغيرًا وكبيرًا, على أية ملة يكونون...
لكن هؤلاء الذين يسيئون إليه حقًا ما وزنهم, ما هي قيمهم, ما قيمتهم عند هذا النبي الجليل, هذا المصطفى الذي أثنى عليه مَن خلقه بأنه {لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، ورزقه كفايته: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}, من خصَّه وحده دون رسله بمعيته تعالى في أعظم شعائر, وأركان الإسلام شهادة أن «لا إله إلا الله محمد رسول الله»؟..
إنه مقام عظيم لا يمسه كائن من كان من البشر..
فليطمئن المسلمون وليتفكروا كثيرًا في أنفسهم..
وليثقوا بأن الله ناصره حيًا وميتًا, وإن الله كفيل بمن يؤذيه في حياته وبعدها, وما على أي منهم ذكرًا وأنثى إلا أن يقتدوا به, ويتبعوا سنته, وإنهم لعلى جادة الطرق, ومكانة الحماية من الرب العظيم..
اللَّهم قد وعدت ووعدك حق, اكفِ حبيبك المصطفى أذى المستهزئين بما تشاء, وكيف تشاء,
ووفِّق أمته إلى ما يرضيك من الاقتداء به, واتباع سنته, واكفهم شرَّ كل ذي شرٍّ حتى لقياك, وتكون راضياً, تبلغ أمته شفاعته, ورفقته في جنتك..