فضل بن سعد البوعينين
تُبنى الاقتصادات الحديثة على قاعدة البحوث العلمية، والابتكارات، والأفكار الخلاقة. المعرفة أساس التنمية؛ ولا يمكن للدول والمجتمعات المضي في تطوير اقتصاداتها بمعزل عن روافد المعرفة؛ والإبداع والابتكار، المشكلة للاقتصاد المعرفي.
اعتمدت رؤية 2030 التحول المعرفي والرقمي هدفا لها، وهو الهدف الأولي الذي يفترض أن يؤسس لقاعدة رقمية وعالم من البرمجيات والتكنلوجيا الحديثة، مع التركيز على الشباب وخلق منافسات عالمية محفزة للمبدعين والمبدعات، ومعززة للشراكة العالمية ونقل الخبرات والتواصل المعرفي.
قطاع التعليم من القطاعات المستهدفة بالتحول المعرفي الذي يتطلب إعادة تشكيل المناهج، وآليات ومدخلات التعليم عموما، والانتقال من التعليم التقليدي إلى التعليم الحديث الذي يركز على الثقافة الرقمية المعنية بمعالجة المعرفة، ويحفز الطلاب والطالبات على أن يكونوا أساس العملية التعليمية من خلال البحث والإبداع والابتكار. ما يحدث في قطاع التعليم من تطوير منهجي يبعث على التفاؤل بمستقبل واعد بإذن الله.
كشفت جائحة كورونا عن باكورة التحول الرقمي في قطاع التعليم، وهو جزء من إستراتيجية طموحة وشاملة لإحداث تحول نوعي في القطاع الذي يعتبر أساس التنمية البشرية والاقتصادية.
وبالعودة إلى أكبر شركات التكنلوجيا العالمية نجد أن نشأتها كانت على أيدي طُلاب مبدعين، ساهمت منظومتهم التعليمية في تزويدهم بالمعرفة وطرق البحث والابتكار، ما مكنهم من تحويل إبداعاتهم الفكرية ومخزونهم المعرفي إلى منتجات وشركات تستحوذ على قمة الشركات المدرجة عالميا. طريق الألف ميل يبدأ بخطوة. وجود الرؤية والطموح والعمل الجاد والقيادة الكفؤة سيقود المملكة نحو تحقيق أهدافها المستقبلية وفي مقدمتها التوسع في الاقتصاد المعرفي وتحقيق هدف التنوع الاقتصادي المأمول.
القمة العالمية للذكاء الاصطناعي التي عقدت في الرياض، بنسختها الأولى، وبرعاية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، من المؤتمرات التكنولوجية العالمية التي حرصت المملكة على احتضانها في سبيل تحقيق أهدافها المستقبلية ورؤيتها الطموحة، ورغبتها الصادقة في التحول المعرفي المنشود، وهو توجه لا يقتصرعليها فحسب بل يتجاوزها نحو شعوب العالم أجمع، والدول النامية على وجه الخصوص. لذا عُقدت القمة تحت شعار «الذكاء الاصطناعي لخير البشرية»، وشدد ولي العهد في كلمته على أن المملكة «تسعى لأن تكون ملتقى رئيسياً للعالم؛ للشرق والغرب؛ وتحتضن الذكاء الاصطناعي وتسخّر قدراته وإمكاناته لخير الإنسانية جمعاء».
و للتأكيد على منهجية التحول المعرفي الذي التزمت به المملكة، تم إطلاق «الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي» وهي خارطة طريق نحو المستقبل.
الارتقاء بالأجيال القادمة يتطلب العمل على قاعدة التعليم الحديث، وضخ الاستثمارات النوعية، وخلق الشراكات العالمية في قطاع التكنلوجيا عموما، والبيانات والذكاء الاصطناعي، على وجه الخصوص، من أجل بناء اقتصادات المعرفة، المحققة للتنمية المستدامة. خلق منصة عالمية محققة للشراكة في المملكة، واعتماد الرياض، كوجهة عالمية لفعاليات الذكاء الاصطناعي سيسهم في رسم مستقبل الذكاء الإصطناعي، واستثماره لخير الشعوب وتنميتها وبناء اقتصادات الدول الأكثر حاجة للتطوير والتنمية.
عوداً على بدء، فالتعليم أساس التنمية والتحول، وقاعدة الاقتصاد المعرفي، ما يجعل من عمليات تطويره على أسس عالمية حديثة، ضرورة إستراتيجية وأولوية تتطلب الدعم التام من الحكومة، وتفهماً من المواطنين.