محمد بن عيسى الكنعان
بتقديري -وربما أكون مخطئاً- أن وسائل الإعلام الأمريكية ومعها الأوروبية وتحديداً البريطانية من صحف وقنوات ووكالات هي آخر قلاع الإعلام التقليدي في مواجهة الزحف المتزايد للإعلام الجديد أو الرقمي، الذي يمتاز بعامل الزمن وسعة الانتشار، وخاصية التقنية، أما القنوات العربية الإخبارية كـ(الجزيرة) -على سبيل المثال- فليست سوى بقايا العربات، التي تجرها تلك الوسائل الإعلامية التقليدية العتيدة، التي ما زالت تؤثر في الرأي العام الدولي ولها حضور في المشهد العالمي، وهي بذلك - أي القنوات العربية الإخبارية - مجرد أبواق تنقل ما يقوله الإعلام الغربي بشقيه الأمريكي والأوروبي، مع نسج الأكاذيب وتلفيق الأخبار والتقارير الباطلة كما فعلت قناة (الجزيرة) وما زالت خلال تغطيتها لأحداث ووقائع وقضايا إقليمية أو دولية تمس بلادنا.
في المقابل؛ كان الإعلام الرسمي الحكومي منسجماً مع الموقف السياسي لبلادنا خلال مواجهة تلك القضايا، أو تناول تلك الأحداث مثل: الحرب في اليمن ـ ومقاطعة قطر، وأزمة كندا، ومجريات قضية مقتل خاشقجي، وغيرها من القضايا، ولعل آخرها التصريحات الاستفزازية والعدائية من قبل الساسة الأتراك، ما يعكس وحدة الرسالة الإعلامية، وتماسك الخطاب الرسمي. وهذا هو الحد الأدنى المطلوب في مثل هذه القضايا الحساسة التي لا تكتمل صورتها إلا بتجلي كامل حقيقتها.
لكن؛ اللافت في كل ذلك أن المغردين السعوديين كانوا على مستوى كل حدث يرتبط ببلادنا؛ حيث نجحوا في تفنيد المزاعم والأباطيل الإخبارية، وصد كل حملة إعلامية مسعورة ضد بلادنا معتمدين بذلك على الله، ثم على ثلاث مرتكزات رئيسة، هي: الثقة بالقيادة الحكيمة، وعدم المساس بالوطن، وتأكيد تماسك الوحدة الوطنية. لهذا نجح أولئك المغردون بأعدادهم الكبيرة في تشكيل جبهة رقمية واحدة انتهجت أسلوباً متقناً في تفنيد الأخبار الكاذبة، وكشف زيف الاتهامات ضد المملكة وقيادتها، مع التأكيد المستمر على أن البيانات الرسمية هي معيار المعلومة الصحيحة في هذه القضية الخطيرة، وليست القنوات أو الصحف أو الوكالات مهما علا شأنها، التي اعتمدت على تسريبات من مصادر غير معروفة، أو افترضت سيناريوهات معينة.
بالفعل لقد كان أولئك المغردون السعوديون المتميزون في مضامين تغريداتهم، ومقاطعهم التلفزيونية، وحساباتهم في التواصل الاجتماعي (ترسانة إعلام كاملة) وعلى مستوى كل حدث، استطاعوا أن يواجهوا بثبات وبخطاب يكاد يكون واحداً قنوات وصحف لها باع طويل في الإعلام، وأن يدافعوا عن حياض الوطن، وأن يبرهنوا على تلاحم الشعب بالقيادة، مؤكدين تماسك جبهتنا الداخلية المرتكزة على وحدة وطنية صلبة، لا يمكن أن تكون سهلة الاختراق، أو هشة البنيان، أو ضعيفة الكيان. وكأنهم يقولون لتلك الحملة الإعلامية المسعورة وبصوتٍ واحد: قولوا ما تريدون وأكذبوا كما تشاؤون، فنحن مع الوطن وقيادته، في المنشط والمكره، وفي السراء والضراء.