د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
ظلت البتروكيماويات لعقود صناعة غربية بشكل كامل تقريباً، لكن تغيرت ديناميات السوق العالمي، لتظهر مراكز قوى جديدة تستحوذ على حصص سوقية أدت إلى تشكيل مشهد صناعة البتروكيماويات.
أصبحت الصناعات البتروكيماوية اليوم واحدة من أكبر مصادر الدخل إن لم تكن أكبرها، غير أن الاضطرابات المتلاحقة التي تشهدها الأسواق بما في ذلك ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة وانخفاض أسعار النفط قد تؤدي إلى إعادة تشكيل مشهد صناعة البتروكيماويات خلال السنوات المقبلة، فأسهمت نهضة النفط الصخري في الولايات المتحدة في إغراق السوق بكميات ضخمة من الإيثان رخيص التكلفة المستخدم في صناعة البتروكيماويات، ولكن ستبقى أوروبا تعتمد الإيثلين على النافثا، وفي آسيا على الإيثلين القائم على الفحم.
ورغم أن السعودية مثلها مثل أمريكا تعتمد على الإيثان، لكن السعودية لا تزال الأكثر قدرة على المنافسة في العالم، خصوصاً بعدما تم اكتشاف الغاز الصخري في حقل الجافورة بنحو 200 تريليون قدم مكعب غير مصاحب، ما يجعل السعودية تقود أكبر ثورة في تقنية التكسير خارج الولايات المتحدة يعزز مكانتها في هذه الصناعة.
هناك تحديات تواجه صناعة البتروكيماويات في السعودية، أهمها تنامي استيراد المواد البتروكيماوية في الوقت الذي يتم فيه تصديرها، فالسعودية بمفردها تستورد 6 ملايين طن من المواد الكيماوية التي تجاوزت 11 مليار دولار، بجانب تواضع حصة الصناعات البتروكيماوية الخليجية من قيمة مبيعات الكيماويات العالمية، بسبب أنها سلعية الأقل سعراً من الكيماويات المتخصصة، فمثلاً تنوي ألمانيا تدريب 10 آلاف مهندس من أجل زيادة فقط 1.5 مليون طن من البتروكيماويات بالتأكيد متخصصة، فيما أعلنت السعودية عن تدريب 3 آلاف مهندس من أجل زيادة 15 مليون طن ولكن بعد انضمامها إلى وزارة الصناعة يمكن إعادة هيكلة الصناعات البتروكيماوية بما يتناسب مع التحول الجديد لرؤية المملكة 2030 .
بدأت السعودية في فصل وزارة الصناعة والثروة المعدنية عن وزارة الطاقة، وإلحاق الصناعات البتروكيماوية بوزارة الصناعة من أجل ربط الصناعة بالمحتوى المحلي التي تصب في تنويع مصادر الدخل.
بلغ إنتاج سابك نحو 78 مليون طن متري من البتروكيماويات في 2019 (إجمالي دول المجلس نحو 175 مليون طن متري) بمبيعات سنوية 45 مليار دولار، (إجمالي مبيعات دول المجلس 72.5 مليار دولار)، وستتحول السعودية إلى أكبر منتج للبتروكيماويات في العالم مع إضافة شراكاتها عبر الحدود.
خصوصاً وأن البتروكيماويات في العالم تستهلك 13 مليون برميل من النفط 14 في المائة يومياً، ونحو 300 مليون متر مكعب من الغاز نحو 8 في المائة، أي أن القطاع يسيطر على أكثر من 30 في المائة، ويمثل زيادة 7 في المائة من الزيادة العالمية.
هدف ضم الصناعات البتروكيماوية إلى وزارة الصناعة من أجل التحول من تصدير المنتجات الأساسية من البتروكيماويات ومشتقاتها لتقوية قاعدة الصناعات التحويلية محلياً عبر تكامل سلاسل إمدادات الصناعات التحويلية لتعزيز المحتوى المحلي الذي يقود لتحقيق التنوع الاقتصادي والمضي نحو تحقيق هدف الرؤية 2030 تريليون ريال إيرادات غير نفطية، وتعزيز إستراتيجية تكامل صناعة البتروكيماويات التي ترتبط بتوفير فرص عمل أوسع من فرص العمل المحدودة في الصناعات البتروكيماوية الأساسية.
** **
- أستاذ بجامعة أم القرى بمكة