عمر إبراهيم الرشيد
أدرك أن عنواناً كهذا له من الضخامة والفخامة ما يستدعي تأليف الكتب وإنتاج الأفلام وإلقاء المحاضرات للإحاطة به، فما القول بمقال صغير كهذا، وإنما حسب اللبيب الإشارة كما يقول المثل. ومن نافلة القول إنه لا يمكن فصل التخصصات والمعارف والأعمال على اختلافها وتشعبها عن بعضها البعض، لأنها خبرات متكاملة يراكمها الإنسان منذ فجر التاريخ. واللغة هوية الشعوب الثقافية والإنسانية ومصدر اعتزازها، وأولى علامات التحضر الحقيقي هو الاعتزاز باللغة لأنه اعتزاز بالهوية ودليل الثقة بها، ومن أجمل وأرقى المبادرات والقرارات لوزارة الرياضة السعودية كتابة أسماء لاعبي الكرة باللغة العربية احتفاء بعام الخط العربي!. وسبق أن كتبت هنا عن مبادرة وزارة الثقافة مشكورة على اعتماد هذا العام للاحتفاء بالخط العربي الذي هو وجه اللغة وشخصيتها، ولا ريب أنه قد لفت أنظار الأجانب وأوقع الكثيرين منهم في حبه لتنوعه وقابليته للتشكيل والزخرفة والرسم الفني الإبداعي. ولا يخفى على كل مطلع أهمية الخط العربي والكتابة اليدوية بشكل عام على المهارات اللغوية والذهنية، بل وتأثير تعلم فن الخط العربي على الأعصاب ومهارات التفكير وإمكانية استخدامه للعلاج السلوكي.
أعود إلى أهمية قرار وزارة الرياضة للفت انتباه الشباب للخط واللغة العربية عن طريق أكثر الميادين احتواء وجذباً للشباب وهي كرة القدم وهنا ميزة وتأثير هذه المبادرة، ولا جدال أن المد والتأثير اللغوي ومن ثم الثقافي للغة الإنجليزية بلغ مستويات مؤسفة، ليس على مستوى جيل الشباب من الجنسين فحسب، وإنما في القنوات الإعلامية ووسائل الإعلام الاجتماعي حتى من بعض المثقفين بكل أسف، عدا عن معظم (مشاهير) هذه الوسائط. لذا فمثل هذه المبادرات الرائعة تعيد أنظار الشباب والكبار والصغار كذلك ومن الجنسين إلى اللغة والخط العربي كهوية حضارية لا ينبغي إغفالها، وحين نشكر وزارة الرياضة على مبادرة حضارية كهذه، نؤكد أن التعليم العام والجامعي والعالي كذلك منوط به جعل المهارات اللغوية والكتابية والخط أساسيات في جميع السنوات الدراسية، بعيداً عن الحفظ والتلقين بل اعتماد الفهم والتذوق الجمالي.
بقي التأكيد على معلقي المباريات الكروية وكافة الألعاب من قبل الوزارة، على استعمال الألفاظ والتعبيرات العربية امتداداً لهذه المبادرة، فبدل (بنلتي) ضربة جزاء، وبدل (كورنر) ركلة ركنية، وبدلاً من (فاول) خطأ، و(أسست) بدل منها صانع كرة، وغيرها من التعبيرات والألفاظ غير العربية، وذلك حفاظاً واعتزازاً باللغة العربية وهويتنا الثقافية، إلى اللقاء.