يمثل التراث بكل قطاعاته ومجالاته ومواقعه مصدراً رئيساً من مصادر الاعتزاز بالوطن والانتماء له، كونه يمثل ذاكرة الوطن وتاريخه وإرثه الحضاري.
ويفتخر كل سعودي بأنه سليل حضارات متعاقبة على أرضه توجت بحضارة الإسلام العظيمة والخالدة، وهذا ما يزيد مشاعر الانتماء والولاء للوطن والارتباط به.
وفي هذا المجال يؤكد معالي الدكتور فهد بن عبد الله السماري المستشار في الديوان الملكي الأمين العام المكلف لدارة الملك عبدالعزيز أهمية التراث في تعزيز المواطنة والانتماء للوطن..
ويقول: بلا شك التراث بكل مجالاته سواء المادية أو المعنوية يمثّل جزءاً من إرث هذه الأمة والمجتمع، ولا شك أن هيئة السياحة والتراث الوطني تقوم بواجب مهم جداً فيما يتعلق بتعزيز البعد الحضاري وتعزيز هذا التراث الوطني، ونحن دائماً ننسى بأن الإنسان عادة يلتصق أكثر بإرثه وماضيه، وهناك تقصير منا جميعاً في هذا الموضوع، ونحن مطالبون بأن نتجه بقوة إلى دعم وخدمة التراث الحضاري بشكل جيد حتى يستطيع الإنسان والمواطن السعودي أن يقترب أكثر تجاه هذا التراث ويرتبط به، ويفتخر فيه، أنا أعتقد الافتخار كلمة عامة لكنها في مجملها في الأفكار والموضوعات والأهداف والرسائل، لأن المواطن عندما يفتخر بتراثه فهو يدل على وعيه وفهمه.
ودعا الدكتور السماري التربويين إلى غرس الافتخار بالوطن وبمنجزاته وقادته في عقول وقلوب الطلاب والطالبات وأنهم يعيشون في أرض حق أن يفتخر بها من خلال ما يملكه من موروث، والوطن يملك العديد من الأمور للافتخار بها من حضارة ومنجزات ومكتسبات والأسس الإسلامية التي بنيت عليها كما يحتضن الحرمين الشريفين وهي أمور حق للجميع الافتخار بها.
بدوره يؤكد الدكتور عبدالعزيز المقرن عميد كلية العمارة والتخطيط في جامعة الملك سعود سابقاً أهمية التراث ثقافياً واقتصادياً وما يمثله من قيمة وطنية مهمة، مشيراً إلى أثره الكبير في إبراز الهوية الوطنية، والاعتزاز بها، وحمايتها، وتميزها عن الآخرين، كونها تؤصل هوية المجتمع بأكمله، وتعطي الثقة لأهله.
ويقول: إن تميز الأوطان عن بعضها يكون بالتاريخ والتراث العمراني والثقافي، واصفاً الوطن الذي لا يملك هوية يتميز بها سيبحث عن شيء ما ينتسب إليه، وقد يكتشف فيما بعد أنه لا ينتمي إليه. وهو ما يقوده إلى التخبط في البحث عن هوية تناسبه. ويضيف: «تأتي أهمية المحافظة على الموروث العمراني والثقافي والاجتماعي والسياسي للوطن، من أجل إبراز الهوية الوطنية، حيث إن طبيعة الإنسان تقتضي على حب التعرف على المجتمعات الأخرى التي سبقتها، والتعرف على ثقافاتها وأسلوب معيشتها وتراثها. وهذا بحد ذاته له فائدة كبرى للمجتمع من الناحية الاقتصادية، وتعزيز مكانتها سياسياً وثقافياً. وأشار عميد كلية العمارة والتخطيط إلى أن الدراسات العلمية أثبتت قوة العلاقة الطردية الناتجة من المحافظة على التراث العمراني لقرية ما، والعائد الاقتصادي والمكانة الثقافية والسياسية لها. وعليه، فإن للجامعات، والكليات ذات العلاقة، دوراً كبيراً في غرس مفهوم أهمية المحافظة على الموروث العمراني، ونشره إلى خريجي الجامعات وإداريي المستقبل المعنيين بأمور السياحة والتراث، حتى لا تتكرر اتخاذ قرارات غير مسؤولة قد تنتج عن عدم تقدير أهمية التراث، وهو ما قد يتسبب في فقدان جزء مهم من الموروث الثقافي والاجتماعي والعمراني والسياسي للوطن، وخطورة ذلك على المجتمع والبيئة الطبيعية المحلية تاريخياً وجغرافياً. مشدداً على أن التراث العمراني كان في وقت من الأوقات لا يشكل أهمية أو أولولية في خطط التنمية، إلا أن خطورة هذا المفهوم على البيئة الطبيعية، وفقدان الهوية الأساسية للوطن، تسببت في بدء المملكة ممثلة بالهيئة العامة للسياحة في العمل على مشروع وطني كبير يهتم بالمحافظة على ما تبقى من تراث عمراني في أرجاء المملكة، وقال: «أعتقد أن المملكة ما زالت تحتوي على عديد من المباني والقرى التراثية، وبعمل تطوير بسيط لها وتوفير الخدمات المناسبة ممكن أن تكون هذه المناطق مصدر جذب كبير لكثير من السياح على مستوى الأجنبي والمحلي، فكثير من المواطنين والمقيمين يرغبون في التعرف على تاريخهم وتراثهم وكيف كان آباؤهم وأجدادهم يعيشون في الماضي القريب والبعيد».