تقول أمي: في البداية سأحدثك عن زواجنا، كان ذلك سنة 1991م، بعد خطوبة دامت أربع سنوات. تعلمت منه «عبدالحكيم» الكثير خصوصًا أنا أشاهد حسن العلاقة بينه وبين والده ووالدته وإخوته، وكان حريصًا في زمن قديم أن يساعدني ودعمني عندما تفرغت أيامًا لخدمة أمي - رحمها الله - عندما مرضت.
تجربة والدك مختلفة عن الكثير من التجارب الأدبية التي قد تصادفينها، كان والدك قارئًا نهمًا وما زال ولكن ما يميز تجربته هو أنه بدأ مهندسًا مهتمًا بتصنيع الماكينات وتركيب الآليات، وكانت تلك المرحلة من حياتنا الزوجية صعبة، لأن التجارب التي كان يخوضها كانت على حسابه الخاص، وهي غالبًا لا تنجح، وذلك ربما لأن الدولة آنذاك كانت تفتح الاستيراد وتغلقه دن ضوابط. اضطر والدك إلى التخلي عن تلك التجارب بعد أن نتج عنها بعض الخسائر المادية.
أذكر أنه أخبرني بداية زوجانا أنه قد ضبط - قديمًا - متلبسًا بقراءة القصص البوليسية في مدرسته الإعدادية، حيث كان يضع القصة وسط الكتاب المدرسي ويقرأها في الفصل، كان أمرًا مختلفًا بالنسبة لي، وهو ما كان دائمًا يشدني إليه.
برز منذ سنة 2000 م، جانب جديد في حياة والدك، حيث كان قد وجد طريقًا للكتابة في الصحف المحلية ومواقع الإنترنت، وصار اندماج والدك في الكتب أكبر وصار ينفق وقتًا أكبر معها ومع مجلات تخصصية، لكنه كان غالبًا بجانبنا في بيتنا، وباستثناء فترات العمل في الصباح فإنه كان محاطًا بالكتب من كل زاوية. منذ سنة 2002 أخبرني أن نوعًا من الاعتراف بكتابته في مجال النقد الأدبي قد بدأ يتحقق، كنت سعيدة معه أفرح لفرحه وأحزن وأتضايق لضيقه.
تقول أمي: مسيرة والدك الأدبية صارت فيها طفرة كبيرة منذ سنة 2005، حيث تحقق له النجاح في جوائز عدة عربية ومحلية، كما صار يطبع كتبًا بمقابل وهو ما حقق لبيتنا تحسنًا ماديًا كنا نفتقده منذ مشاريعه الهندسية السابقة. اندماج والدك في القراءة وشغفه بها كان معه خصلة مهمة ربما كانت السبب في نجاح بيتنا -ولله الحمد، وتلك الخصلة هي قدرته على السماع رغم كل انشغاله، سماع أحاديثنا وحل المشاكل اليومية التي يمر بها البيت ومحاورتنا محاورة حانية.
تضيف أمي في بداية سفره للمشاركة في نشاطات أدبية في الخارج: كنت أشعر ببعض الضيق، ولكن مع الزمن وتطور الاتصالات صار يسافر ونقضي معه حاليًا أنا وأخواتك زمنًا طيبًا على وسائل التواصل الاجتماعي نتحاور كأنه معنا، كما كان دائمًا يعود ببعض الهدايا التي تفرحنا أنا والأولاد والبنات.
تكتب أسماء: وأقول أنا أيضًا كنّا في سفر والدي نستغل أوقات سفره في البحث والتقليب في المكتبة وقراءة ما نريد، لكننا دائمًا كنّا نشعر بالفخر لأنه مختلف والاختلاف جميل.
... ... ...
أسماء المالكي - (ابنة الناقد عبدالحكيم المالكي) محاورة والدتها (نعيمة بشير المالكي) ليبيا
* * *
سيرة الناقد عبدالحكيم المالكي
- الناقد عبدالحكيم سليمان المالكي مواليد مصراتة / ليبيا 1966م.
- بكالوريس هندسة. عضو هيئة تدريس، وعضو مؤسس (المختبر النقدي بمصراتة).
* الجوائز:
- جائزة الشارقة 2006م، في مجال النقد بمخطوط (آفاق جديدة في الرواية العربية).
- ناجي نعمان بلبنان 2007م (استراتيجيات الفعل في الخطاب الروائي).
- جائزة الهيئة العامة للثقافة وجائزة الدولة التشجيعية الليبية.
* من إصداراته:
- السرديات والقصة الليبية القصيرة (مجلس الثقافة العام ليبيا).
- آفاق جديدة في الرواية العربية / جماليات الرواية الليبية / استنطاق النص الروائي.
- السرديات والسرد الليبي، ثلاثة كتب: النظري للسرديات، السرديات والرواية / السرديات والقصة الليبية القصيرة.