زوجة الكاتب أو الأديب ليست كغيرها من الزوجات، إذ عليها أن تكيّف وضعها النفسي والاجتماعي والاقتصادي؛ بل والثقافي أيضا وفقا لنمط الحياة التي يحياها، وتبعا لمسؤولياته التي يتحمّلها، وحين قسم الله لنا أن نكون معا في رحلة الحياة لم أكن أعلم أن زوجي سيكون ناقدًا وأستاذًا جامعيًا فقد كان مُدرسًا في المرحلة الثانوية، وفوجئت بأن لديه مكتبة تتزايد محتوياتها يوما بعد يوم، على الرغم من أننا كنّا نعيش في بيت متواضع في تبوك، وقد نجح في إغرائي بالقراءة فيها بادئا بالروايات التي تجتذبني وتسدّ أوقات الفراغ التي يكون منهمكا فيها بالقراءة والكتابة، وفتح شهيتي للمطالعة فصرت أقرأ ما يروق لي من الكتب. واندمجت في أجواء المطالعة، ثم ما لبثت أن انشغلت بتربية الأطفال دون أن أترك عادة القراءة، وليس من شك في أن كل امرأة تحب أن تستحوذ على اهتمام زوجها وأن الكتب تسرق منها هذا الاهتمام ومع هذا تعايشت معها ولم أقلق من استئثارها بكثير من وقته.
وأرجو أن أكون صادقة وفيّة للرجل الذي منحني جلّ عنايته فكان يحاول جاهدًا في منحي ما أحتاج إليه من صادق المشاعر والحرص على عدم الإحساس بالغبن، وكنت أعمل ما بوسعي على القيام بواجبي نحوه فأحرص على مشاعره وأعتني بشأنه وأراعي ظروفه وانشغالاته، وأذكر أول رحلة ثقافية قام بها في أواخر السبعينيات الميلادية من القرن الماضي، إذ دُعي لأمسية ثقافية للشاعر أحمد الصالح في الأحساء، وكيف كنت أحس بالاعتزاز وأنا أجهّز له شنطته للسفر، وكيف كان في كل سفرة من سفراته مدعوا لفعالية من الفعاليات يفاجئني بهدية خاصة، وفي سفرياته الخاصة إلى القاهرة حين تفرّغ لإنجاز رسالة الدكتوراه كان حريصا على أن أحضر المناقشة فدعاني، وكنت مقيمة مع أطفالي في عمّان، وكان يعيش وحده في القاهرة، وحين أُجّلت المناقشة عدت مسرعة؛ غير أنه حرص على استدعائي ثانية حيث حضرت المناقشة، وقد دار بيني وبين الدكتورة سهير القلماوي التي اشتركت في المناقشة حوارًا سألتني فيه عن انطباعاتي وعن أحوالي الشخصيّة؟ وفوجِئت حين عَلمتْ أنّي أمّ لستة أطفال ولم أكن قد تجاوزت الثامنة والعشرين.
بعدها عدنا ثانية إلى السعودية «حائل» التي عشنا فيها ثلاثًا وعشرين سنة، وكانت هي المرحلة الخصبة في حياة زوجي حيث اشترك في العديد من الفعاليات الثقافية خصوصًا في النصف الثاني من عقد الثمانينيات، وكنت أرقب بعض الحوارات التي تدور حول الحداثة وكنت مقتنعة بموقفه الوسطي الذي يؤمن بأن التغيير سنة الله في خلقه مع الحفاظ على الثوابت العقدية، وفي هذه المرحلة أنجز الكثير من كتبه، وقد وفقني الله إلى التكيّف مع اهتماماته وظروفه، خصوصا أنني كنت أحاول أن أتحمّل عبء الأبناء والبنات وأنشغِل بهم وكان عددهم قد وصل إلى ست بنات وثلاث أولاد، وكان تقديره لي مدعاة لتحمل هذه الأعباء.
وهاأنذا سعيدة بتكريمه من قبلكم كما كنت سعيدة في مناسبات عدة كرّم فيها واعتبرت ذلك تكريمًا لي، فلكم مني كل الشكر والتقدير.
... ... ...
سميحة حسين - زوجة الأديب محمد الشنطي - الأردن
* * *
سيرة الناقد د. محمد الشنطي
- أ. د. محمد صالح الشنطي. جامعة جدارا - الأردن. أدب ونقد حديث
- حاصل على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه من جامعة القاهرة أدب ونقد
- عضو لجنة تحكيم جائزة الملك فيصل، وفي عدد من النوادي الأدبية..
* التكريم والإصدارات:
- كرم من «وزارة الثقافة والإعلام» السعودية
- كرم في الملحقية الثقافية بعمان.
- أصدر مركز البحوث أدبي حائل «الشنطي أستاذا وناقدا وإنسانا»
- أصدرت صحيفة «الجزيرة» السعودية ملحقاً ثقافياً خاصاً به
- أصدر أكثر من (27) كتاباً، وما يزيد عن ستين بحثاً.