ريم الحربي
تفشت جائحة فيروس كورونا المستجد كوفيد-19 وانتشرت الخلطات الارتجالية لرفع المناعة الجسدية وأصبح تناول فيتامين سي من العادات الغذائية الجديدة، وازدادت الشكوى من الأعراض النفسية التي شعر فيها الكبار قبل واتفق الجميع على الخوف من مجهول يسمع عنه ولا يرى، ومن صفاته المرعبة دخوله البيوت دون استئذان وفتكه بالأرواح، وتحولت لغة الأرقام لمصدر الراحة والاطمئنان، وبين عشية وضحاها تعطلت كافة جوانب الحياة المعتادة، وكثرت الشائعات السلبية الخاطئة، الأمر الذي زاد من حدة الضغوط النفسية، وتسبب بكثرة المحللين والمفتين والمعالجين من غير علم وإلمام ودراسة وتخصص وإتقان. وتم بناء المخاطر على التهويل القائم على العاطفة.
وفي خضم هذه الجائحة غاب الوعي عن تعزيز المناعة النفسية التي لا تقل أهميتها عن المناعة الجسدية، والتي تعد من الأساليب الوقائية من المشكلات الصحية والنفسية.
وكما قالت العرب قديماً «درهم وقاية خير من قنطار علاج» وهذا ما بدأت تتجه إليه الأبحاث النفسية الحديثة بالتركيز على الجانب الوقائي والنمائي للأفراد.
وتعرف المناعة النفسية بأنها «نظام متكامل من الأبعاد المعرفية والدافعية والسلوكية للشخصية التي تعطي مناعة ضد الضغوط، وتحسن النمو الصحي، وتعمل كمواد لمقاومة الضغوط أو كأجسام مضادة نفسية» وتكمن أهميتها بأنها القوة التي تسمح للإنسان أن يتغلب على التحديات ويتجاوز العثرات ليحقق النجاح.
وفي حال فقد الإنسان مناعته النفسية سوف تظهر عليه مجموعة من الأعراض، أبرزها سهولة الاستسلام للإحباط والصدمات وأيضاً:
-ارتفاع القابلية للإيحاء فيصبح مهيئاً لاستقبال أي أفكار حتى لو كانت خاطئة.
-فقدان السيطرة والتحكم الذاتي.
- الاستسلام للفشل.
- ضعف التفاعل مع الآخرين والانعزالية.
- فقدان الإحساس بالسعادة والمتعة في الحياة.
- حدوث خلل في معايير الحكم على المواقف.
- الجمود الفكري والانغلاق ومقاومة التغيير.
- ظهور ما يشير إلى كثرة الكذب الدفاعي.
والجدير بالذكر أن المناعة النفسية تتأثر كثيراً بالخوف والضغط النفسي والقلق الذي تشعر به، وهي من تمدك بالصلابة النفسية التي تحتاجها للتكيف مع الأزمة الحالية والضغوط الحياتية.
ويمكن تنشيط المناعة النفسية تماماً عن طريق بعض الاستراتيجيات مثل تنشيط المناعة الجسمية، ومنها:
-الإدراك الإيجابي للذات، وفهمها، ومعرفة نقاط القوة والضعف فيها والعمل على تحسينها.
-اتباع السلوكيات الصحية الجيدة من ممارسة الرياضة، الأكل الصحي، النوم الجيد، وتجنب تناول الأدوية من غير وصفات طبية، والتدخين وتناول الكحول وغيرها من العادات المضرة بالصحة.
-النظرة إلى المستقبل بتفاؤل وتقييم الأحداث تقييم إيجابي والرضا عن الحياة، فالرحمن موجود والرزق مكتوب والابتلاء آجر وعاقبة الصبر عطاء يذهل جميع البشر، والأحداث الشاقة سوف تنتهي وتمضي، والحكمة بالاستفادة والتعلم من التجربة وكما ذكر رسولنا الكريم «ما يصيب المسلم من نَصَب، ولا وَصَب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه».
-الصبر والسكينة والحلم في التعامل مع المواقف والأحداث.
-تعلم مهارات إدارة الوقت وتطبيقها.
-اكتساب استراتيجيات التعامل مع الضغوط.
-إعطاء أهمية أقل لمصادر القلق للمحافظة على سلامة الجهاز المناعي النفسي.
وختاماً مناعتك النفسية هي درعك الحصين في ميادين الحياة.