محمد بن عبدالله آل شملان
«راوي الدرعية» في مهمته الإلقائية والجماهيرية المنتظرة إلى أبناء الوطن، لم يعد برنامجاً كغيره من برامج هيئات ومؤسسات المملكة، التي باتت تتالى بلا توقف، فهو برنامج رائع وفريد، وستصبح مكاسبه، وثمار رسالته، تبرز وتتعاظم، قبل أن ينطلق في رحلته لغرس المبادئ والقيم الوطنية، وتعزيز الانتماء الوطني، فها هو يُنظّم لطلاب وطالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية الحكومية والأهلية والتربية الخاصة في مختلف مناطق المملكة، رغم التحديات العظيمة التي أوجبتها جائحة «كورونا» على العالم أجمع، وتقوم على تنظيمه هيئة تطوير بوابة الدرعية بالشراكة مع وزارة التعليم.
مع اقتراب انطلاق «راوي الدرعية» في منتصف ربيع الأول الجاري، نرى مدى ما توليه قيادتنا من اهتمام ومتابعة مباشرة لمشروع «بوابة الدرعية التاريخية»، لما تعطيه من أولوية استراتيجية لريادة الدولة في مجال السياحة، والحضارة والتاريخ، إذْ يواصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله-، الاطمئنان أولاً بأوّل على كل التفاصيل الدقيقة، والاطلاع على مراحل سير عمل هذه المهمة التاريخية والسياحية والحضارية، فهي، كما وصفها محمد بن سلمان، بالفعل، بأنها واحدة من الوجهات العالمية الأولى في المنطقة لاحتضان أنشطة تبادل المعرفة التاريخية، والثقافية، والفنية.
ما يثبته اليوم، وطننا الحبيب، بالتزامه بالخطط والجداول المحددة لإطلاق هذه المهمة التاريخية والسياحية والحضارية، رغم أزمة فيروس «كورونا»، هو تأكيد على قوة إرادة هذا الوطن الكبير «المملكة العربية السعودية»، وعزيمة قيادته وشعبه، وترجمة صادقة لشعاره وهويته «طموحنا عنان السماء» وبأنه لا شيء مستحيل، وهي الرسالة التي يحملها مشروع «بوابة الدرعية» إلى العالم، رسالة أمل وتفاؤل، بأنه في استطاعته قهر أي تحديات وعقبات، لصنع المعجزات، ليقدم بذلك تحفيزاً للذاكرة في أبواب العزة والفخر والانتماء، إضافة إلى ما سيقدمه خلال مهمته إلى العالم، من خدمات اقتصادية جليلة، وإسهامات معرفية سباقة ستعود بالفائدة على هذا الوطن.
المكسب العظيم الآخر، الذي سيحققه «راوي الدرعية»، الآن، وقبل انطلاقه، ما لفت إليه معالي نائب وزير التعليم الدكتور عبدالرحمن بن محمد العاصمي، بأنه يسلط الضوء على كنز وطني سعودي، من خلال ثلاث وثلاثين قصة مرتبطة بتاريخ المملكة العربية السعودية وتراثها، بما فيه من شخصيات وطنية وبطولية وأحداث تاريخية بإشراف مختصين من هيئة تطوير بوابة الدرعية ووزارة التعليم، كما سيمكن الطلاب والطالبات من حسن الإلقاء، ومعرفة التاريخ الوطني، ومهارات التواصل الاجتماعي.
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -وفقه الله- كان يحمل بداخله الهمّ التاريخي، ويوظِّف كل المواقف لمصلحة الوطن، وكانت له مقولة يؤمن بها تماماً، ونحن السعوديين في أمسِّ الحاجة إليها الآن: «وهذا ولله الحمد توفيق من الله للملك عبدالعزيز ورجاله أن يوحدوا هذه البلاد، حتى أصبحت بلاداً موحدة تعتز بدينها وتعمل بكتاب الله وسنة رسوله، ملوكنا منذ عهد الملك المؤسس والملك سعود والملك فيصل والملك فهد والملك عبدالله على نهج أسلافهم ووالدهم، النهج الذي يجمع ولا يفرق، وهذه الدولة ولله الحمد يسهر ملوكها على مصالح شعبها، فالحمد لله ملوك متعاونون، وشعب متجاوب، وهذه نعمة من الله، ويجب على شبابنا أن يعرفوا كيف تكونت هذه الوحدة المبنية على العقيدة الإسلامية وحدة عربية إسلامية».
بالتأكيد ستظل مسابقة «راوي الدرعية» خطوة معرفية تنويرية مهمة، ستسهم من دون ريب في تنمية المعارف الوطنية التاريخية، وستجتمع فيها العقول المؤتمنة على رسالة الإنجاز وريادة التنمية والاستقرار والرخاء بذاكرة الوطن والتاريخ.
من أرض التاريخ أهلاً بكم، وموعدنا هو «حي الطريف التاريخي» في محافظة الدرعية، لنحتفي بالفائزين والفائزات، فشكراً لكل القائمين عليها.