«الجزيرة» - الاقتصاد:
تواجه البنوك المصنفة في منطقة الخليج تحديات صعبة خلال الأشهر الـ 18 المقبلة، وذلك لأن التعافي الاقتصادي لدول المنطقة سيحتاج لفترة أطول ولأن الحكومات ستوقف تدريجياً الإجراءات التنظيمية الاحترازية التي اتخذت لمواجهة جائحة كوفيد - 19 . جاء ذلك في تقرير نشرته وكالة إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية، بعنوان «البنوك الخليجية: استمرار ضعف الربحية». وقال محمد دمق، محلل ائتماني في الوكالة: «نتوقع بموجب السيناريو الأساسي لدينا بأن يتوفر لقاح كوفيد - 19 على نطاق واسع بحلول منتصف العام 2021 ، وبأن يستقر متوسط سعر برميل النفط عند 50 دولار أمريكي للبرميل. كما نتوقع بأن تحقق الدول الخليجية نمواً يبلغ في المتوسط 2.4 % في العام 2021 ، مقارنةً بانكماش بلغ 5.6 % في العام 2020 . وفي حال عدم تحقق توقعاتنا في هذا السيناريو، فإن البنوك الخليجية قد تواجه تحديات أكبر من ذلك.
وقال، نتوقع بأن يبقى نمو الإقراض ضعيفاً، باستثناء البنوك السعودية، حيث تشهد المملكة العربية السعودية نمواً متسارعاً في قروض الرهن العقاري نتيجةً لمبادرة الحكومة التي تهدف لزيادة ملكية المنازل في المملكة. كما ستستمر تكلفة المخاطر بالارتفاع بسبب تسارع الاعتراف بالأصول المتعثرة في ظل عدم اتخاذ المزيد من إجراءات الدعم. وستبقى إيرادات الفائدة دون المستويات التاريخية بسبب سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لخفض أسعار الفائدة لفترة أطول.
لذلك، فإن ربحية البنوك الخليجية ستواصل الانخفاض، مع تسجيل بعض هذه البنوك لخسائر نتيجةً لانكشافها على فئات أصول عالية المخاطر - مثل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبطاقات الائتمان - أو لعدم وجود مخصصات كافية في بعض الحالات. هذا سيؤدي إلى دفع فرق الإدارة لدى البنوك إلى التدقيق أكثر في التكاليف، ومحاولة الاستفادة من الفرص المرتبطة بالتكنولوجيا المالية، وإلى خفض عدد الفروع القائمة.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة، توفر الأوضاع التمويلية ومستويات الرسملة لدى البنوك الخليجية بعض الدعم لجدارتهم الائتمانية. تبقى الودائع الأساسية والمستقرة تشكل الجزء الأكبر من التمويل لدى البنوك، مع مساهمة محدودة من التمويل الخارجي، باستثناء قطر، لكن جاهزية وقدرة الحكومة القطرية القوية على ضخ سيولة بعملات أجنبية عند الضرورة يخفف من المخاطر إلى حد كبير. كما أن رأس المال قوي، من حيث الكم والنوع، ويحمي البنوك من الصدمات الأقوى من المتوقعة.
حتى صدور هذا التقرير، كانت 65 % من نظراتنا المستقبلية لتصنيفاتنا الائتمانية للبنوك الخليجية مستقرة و30 % منها سلبية. وقد حصل بنك خليجي واحد من البنوك التي نصنفها على نظرة مستقبلية إيجابية لأنه سيندمج قريباً مع بنك آخر. تشتمل مخاطر خفض التصنيفات الائتمانية على حدوث انخفاض أكبر من المتوقع في أسعار النفط، وتصاعداً في المخاطر الجيوسياسية، وعدم السيطرة على الجائحة بحلول منتصف العام القادم. وفي حال تحقق هذه المخاطر، فإن التداعيات على البنوك الخليجية يمكن أن تكون أكبر بكثير مما نتوقعه الآن.
وأضاف محمد دمق: «قد تكون جائحة كوفيد - 19 وانخفاض أسعار النفط بداية لحقبة جديدة للبنوك في منطقة الخليج. وبعيداً عن فترة توقعاتنا الممتدة لعامين، نتوقع بأن يمتد تراجع الربحية لدى البنوك الخليجية لفترة طويلة بسبب سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لخفض أسعار الفائدة لفترة أطول، وضعف نمو الإقراض، والنسبة الكبيرة للودائع من دون فائدة لدى البنوك. يبقى أن نرى إلى أي مدى ستتمكن البنوك من تعويض ذلك من خلال الاندماج أو عبر الاستفادة من حلول التكنولوجيا المالية».