عبدالكريم الحمد
من الصفات الممقوتة عند العرب هي القول بلا فعل، والوعد بلا وفاء كونها تعبّر عن استصغار صاحبها لعقول أصحاب الشأن بشكل عام، لذلك أطلقوا الحِكم والأقوال والقصائد فيمن اتصف بتلك الصفات للتحذير منهم وهجرانهم، ومما قالت العرب في ذلك:
لسان الجاهل يسبق عقله
وعقل العاقل يسبق لسانه
فالجهل يطلق الكلام على عواهنه
لسانه يسبق تفكيره وكلامه
مقدمة المقالة قادتني بلا شعور أو تفكير لظاهرة إعلامية تستحق التأمل ليس في إيجابيتها، بل في سوء إستراتيجيتها التي اعتمدت على استصغار عقل المتلقي وتحجيمه بشعارات زائفة بغرض انتصار مؤقت وزائف على حساب طموحات وآمال فئة من الجماهير كانت وما زالت تحلم بإنجاز زاهر وتاريخ عامر فإذا بها أمام طيف إعلامي عابر لم يتسم بمصداقية في قراءة واقع ناديه؛ أو يساهم في بناء حقيقي عبر نقد بنّاء وكشف مواضع الخلل للتصحيح، بل تفرّغ لشعارات وهمية غرضها تخفيف الضغط عن المسؤول واستفزاز للجار.
في مطلع 2018 ، وبالتحديد في شهر مارس تسلَّم سعود السويلم زمام الأمور الإدارية في مجلس إدارة نادي النصر وكرّس للنصراويين جهداً مالياً وعملاً إدارياً قاده بامتياز أحمد البريكي مما نتج عن تعاقد الفريق مع أفضل المحترفين الأجانب، فانطلقت شعارات الإعلام إياه بأن فريقهم لن يقهر وسيبسط سيطرته على المنافسات المحلية في العشرة المواسم القادمة ولم يتحقق في عهد تلك الإدارة سوى بطولة واحدة.
وفي منتصف عام 2019 تم انتخاب صفوان السويكت رئيساً للنصر وتولي عبدالرحمن الحلافي شؤون الفريق الأول لكرة القدم، وبعد تحقيق كأس السوبر السعودي بالتحديد انهال الدعم الشرفي على النادي أملاً في العودة للواجهة وإيقاف المدّ الأزرق على المستوى المحلي والقارّي وعادت الآلة الإعلامية إياها بترديد شعارات «مشروع النصر الجديد» مواكبة لموجة التعاقدات وصفقات (الجملة) التي لم تحمل أي صفة من صفات البناء كونها اقتصرت على البحث فقط عن اللاعب الجاهز لا أكثر، ومع ذلك أخفقت تلك التحركات في الصمود آسيوياً والانطلاقة محلياً.
شعارات هنا وشعارات هناك وجمهور الأصفر يترقّب صدق الحرف والكلمة والنبرة من إعلام يهلّل وقت الصفقة ويضلّل وقت الصفعة، إلى أن وقع البرتغالي (فيتوريا) كضحية أولى لشعاراتهم الزائفة وإلصاقه بتهمة العبث بمقدّرات النادي وقدرات محترفيه دون التطرّق لأخطاء الإدارة أو أخطاء اللاعبين، وهروباً من حنق وعتب الجماهير التي رددت واحتفلت بعباراتهم الوردية «نصر 2030»، لكن الواقع كان أشد ألماً وحسرة في ظلّ الخسائر المتلاحقة وتهديدات النجم الأول بالرحيل بينما الإعلام المهتم بالشأن النصراوي بات مهتماً بالشأن الاستفزازي للجار وجمهوره دون عناء البحث والعلاج في علّة ناديه.
قبل الختام
يقولون: تكتب كثيراً في الشأن النصراوي
فقلت: لأن الجميع أصبح مهتماً بالشأن الهلالي، أنا إعلامي لمن لا إعلام له.