د. عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ
الجغرافيا يقال عنها إنها أم العلوم، منذ عهد الإغريق كان يساندها علماء لهم باع طويل في الجغرافيا، ثم تبع ذلك في عصور لاحقة علماء فطاحل من المسلمين: ابن حوقل، البيروني، المسعودي، ابن هيثم، ابن سيناء، المقدسي، ثم ابن خلدون، والمجال لا يتسع إلى ذكر عدد آخر من العلماء المسلمين، الذين استقرأوا التراث اليوناني وحافظوا عليه، ومن ثم نقلوه إلى من بعدهم في القرون اللاحقة للقرون الوسطى، تراث غني في شتى مجالات علم الأرض وجيواستراتيجيتها وعلم الأقاليم ودراسة تبايناتها، وتبلورت مفاهيم عديدة في أوروبا مؤسسة على التراث الإسلامي الجغرافي، ومثال على ذلك كتاب (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) للمقدسي.
وتدور عجلة الزمن وتهتم المملكة بشبابها فتبعثهم إلى جامعات العالم غرباً وشرقاً لينهلوا من العلوم كافة ومنها الجغرافيا، ويعودوا بشهادات عليا ليؤسسوا قاعدة حديثة في علم الجغرافيا بمفاهيمه وأدواته التقنية الحديثة، ويتتلمذ على هؤلاء العائدين ثلة من الطلاب والطالبات، وتنقل التقنية الحديثة إلى معامل الأقسام وقاعاته الدراسية في عدد من جامعات المملكة: جامعة الملك سعود، جامعة الملك عبدالعزيز، جامعة الملك فهد، جامعة الإمام محمد بن سعود، جامعة الملك خالد، ثم إلى جامعات أخرى في الوطن الغالي، وتبرز هذا العلم الجمعية الجغرافية السعودية، والجمعية الجغرافية في دول مجلس التعاون، ويدرك واضعو الرؤية، وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، أهمية الناحية الجغرافية للمملكة، وتعزيز المفاهيم الجغرافية والمكانية ضمن إطار الرؤية، وتعزز الجغرافيا بتعيين ثلاث جغرافيات من ثلاث جامعات في مجلس الشورى، حصلت الثلاث على شهاداتهن العليا على يد الجيل العائد من جامعات أجنبية مرموقة.
هذا التحول في النظرة للجغرافيا يبشر بخير، وسيكون دافعاً للجغرافيين لبذل جهود أعظم للرقي بهذا العلم إلى آفاق متقدمة تجعله مسهماً مع العلوم الأخرى في دراسة الجانبين الطبيعي والبشري والعناية بالمسائل المجتمعية ودراسة قضاياه البيئية.
نرجو أن يكون انضمام الجغرافيات إلى مجلس الشورى فيه الخير العميم ونتمنى لهن النجاح في السعي لتحقيق الأهداف المرجوة منهن، ندعو لهن وجميع أعضاء المجلس التوفيق في خدمة دينهم ووطنهم ومليكهم، والله الهادي إلى سواء السبيل.