د. محمد عبدالله الخازم
تعاني القطاعات الصحية في المؤسسات العسكرية؛ وزارة الدفاع، وزارة الحرس الوطني ووزارة الداخلية، وربما غيرها من الجهات، من تعدد الأنظمة التوظيفية بها، حيث إن المستشفى الواحد يعمل به عدة فئات من الموظفين:
1 - موظفون مرجعيتهم الخدمة المدنية وتقاعدهم وفق نظام مؤسسة التقاعد.
2 - موظفون مرجعيتهم التشغيل الذاتي (عقود سنوية) وتقاعدهم وفق نظام مؤسسة التأمينات الاجتماعية.
3 - موظفون مرجعيتهم الخدمة العسكرية وتقاعدهم وفق نظام التقاعد العسكري.
4 - موظفون مرجعيتهم أنظمة التعليم الجامعي، لدى البعض.
هذا التباين قاد أو يقود إلى عدة إشكاليات منها:
1 - صعوبة تنظيم أقسام القوى البشرية والموظفين بتلك المؤسسات، حيث لكل فئة مرجعيتها وقوانينها التي تحكمها وتختلط الأمور على أقسام الموارد البشرية والأقسام القانونية بتلك المؤسسات.
2 - تعدد المرجعيات وبالتالي تواضع الحوكمة فيما يتعلّق بحقوق الموظف وواجباته ومسؤولياته وآليات محاسبته، فإن كان المدير على الخدمة المدنية فإنه لا يحق له محاسبة العسكري أو العكس وتجد من هو على التشغيل يستطيع الحصول على تدريب ومكافآت سريعة بينما موظف الخدمة المدنية عليه المرور بحلقات بيروقراطية طويلة.
3 - تأثر عدالة التعامل مع الموظفين ممن هم في نفس الكفاءة ويحملون نفس المؤهل بسبب اختلاف المرجعية. العدالة من الناحية المادية في الرواتب والبدلات والإجازات والمسؤوليات، بل كذلك، من ناحية التعامل اليومي، حيث تميل بعض القيادات للاعتماد على فئة دون الأخرى.
4 - وجود ثغرات بين الأنظمة تقود إلى تجاوزات، بالذات في ما له علاقة بدفع فروقات أو مكافآت أو بدلات إضافية لبعض الفئات دون أخرى. تحاول تلك القطاعات دفع بدلات لتعويض فروق ساعات وطبيعة العمل فتقع في فخ المجاملات والتمييز بين الكوادر لضعف القواعد التنظيمية في هذا الأمر.
- وجود التضخم في بعض قطاعات تلك المؤسسات لفئات على حساب أخرى. قد تجد القطاع العسكري يضغط بتوظيف العسكريين في المستشفى حتى ولو لم يكن هناك حاجة لذلك أو تجد المسؤول يتراخى في موضوع الكفاءة الإنتاجية طالما لديه مصادر توظيف ورواتب متعددة.
ماذا عملت تلك المؤسسات لمعالجة مثل هذه الاختلالات التوظيفية؟ مع الاعتذار في الحكم، لا شيء يذكر! تعودوها وتعايشوا معها وسلّموا بأن لا مخرج منها من مبدأ «لا تحرك ساكناً فتبلش» أو أختها «الله لا يغيِّر علينا». التغيير يحتاج فكر ويقود إلى مقاومات للأفراد أحياناً، وقليل مستعد لذلك. ولا ننسى أن للبعض مصالح في الأوضاع غير الناضجة تنظيمياً.
كنت سأطلب من وزارة التنمية البشرية العمل على دراسة ومعالجة ظاهرة المشكلات الناتجة، لكنني تذكَّرت أنها لم تنتقل بعد من دور إدارة شؤون موظفي الدولة إلى مفهوم التنمية البشرية على المستوى الوطني. وكنت سأطلب من بيت الخبرة معهد الإدارة دراسة الأمر فتذكرت أنه مهموم بالتدريس وتقديم الدورات. وكنت سأطلب من الجامعات وأساتذتها ذلك فإذا هي تركض في تقليد الظاهرة. سأحتفظ بآرائي وأكتفي بتكرار نصيحتي - التي ليست المرة الأولى التي أكتبها- للجهات الساعية لتغير أنظمتها التوظيفية ضمن برامج التحول؛ اختاروا نظاماً توظيفياً واحداً يطبّق على الجميع. لا تجمعوا أكثر من نظام توظيفي واحد في المؤسسة الواحدة.