[من يعرفه يألفه، ومن يألفه يحبه، ومن يحبه فلن ينفكَّ ارتباطاً به]
نعم هذا هو الأستاذ عبد الله الزيد الذي فُجَع به الوسط الثقافي هذه الأيام ، لقد حدث لي مع الأستاذ عبد الله الزيد موقفان يؤكدان وصف الدكتور إبراهيم بن عبد الرحمن التركي له في العبارات المقوسة أعلاه من مقاله المنشور في 2-3-1442هـ.
أمَّا الموقف الأول فهو أن كان لي شرف اطلاعه على ديواني [أمجاد أمَّة]، لأنه كان الرقيب على إجازته لنيل الإذن بطابعته، حيث أجازه وأشاد بمحتواه لكنَّه وجَّهني إلى الأسلوب الأمثل لكتابة التفعيلة حتى أنه أعاد كتابة نصَّ تفعيلةٍ كاملاً ليفيد لمن يريد أن يستفيد، ومن خلال ملاحظاته على الديوان لمستُ الدَّقة والجديَّة والنية الصادقة للارتقاء بالأدب والأدباء السعوديين.
أما الموقف الثاني فكان في إحدى دورات سوق عكاظ حيث كان وصولي لمقرِّ إقامتنا ووصوله في وقت واحدٍ وكأنَّنا على ميعاد، فزادت معرفتي به إنساناً متواضعاً، فهو رغم أناقته الظاهرة كانت تظهر عليه البساطة السَّامية لكنَّ نظراته توحي بذكاء الفطن ومنطقه بسمو الأخلاق وغزارة المعرفة.
لم نجتمع ساعات طويلة لكنها دقائق أو أنَّها للرغبة في استمرارها كدقائق.
كان مشاركاً في إحدى أمسيات السَّوق فألقى قصيدة رمزية لكنها مفهومة للمتابع المتأمل فأعجبتني وأعجبني منه عدم الإفراط في الرمزية التي يعقُّ فهمها ويُهمل قائلها.
فبفراق الأستاذ عبد الله الزيد أعزي الأدباء جميعاً وأرجو الله أن يتقبله بمغفرته ورحمته ورضوانه، ولا أقول إلا ما قاله الشاعر علي بن محمد التهامي في الأبيات التالية:
[حكم المنيّة في البرية جاري
ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا يُرى الإنسان فيها مُخبراً
حتى يُرى خبراً من الأخبار
طُبعت على كدر وأنت تريدها
صفواً من الأكدار والأقذار
ومكلّف الأيام ضد طباعها
متطلّب في الماء جذوة نار
فالعيش نوم والمنيّة يقظة
والمرء بينهما خيالٌ ساري]
** **
- منصور بن محمد دماس مذكور