د.عبدالله بن موسى الطاير
يعتقد الديمقراطيون أن سبب هزيمتهم عام 2016م كان عدم التصويت، والاطمئنان لفوز هيلاري كلينتون عطفاً على نتائج الاستطلاعات، بينما كان الجمهوريون قد طفح بهم الكيل من رئاسة أوباما، فأقبلوا على مراكز الانتخابات بكثافة. عاملا الاستخفاف بالرئيس ترامب، والثقة في نتائج الاستطلاعات دفعت الديمقراطيين إلى الإقبال بقوة على التصويت المبكر، وحتى لحظة كتابة هذه المقالة صوت ثلث الناخبين، وهو رقم قياسي بالمقارنة مع الانتخابات السابقة.
أدلى نحو 46 مليون ناخب بأصواتهم مبكراً في انتخابات 2016م، سواء شخصيًا أو عبر البريد، بينما، وبالرغم من أننا ما زلنا على بعد 19 يومًا من انتخابات 2020، فقد أدلى أكثر من ثلث الناخبين بأصواتهم وهو ما يفوق مجال الأصوات المبكرة مجتمعة لعام 2016م. وهذا يعكس رغبة الأمريكيين في عدم الوقوع في خطأ عام 2016م من حيث ممارسة حقهم في التصويت.
أما من حيث الثقة في استطلاعات الرأي، فإن العديد منهم غير قادرين على نسيان ما حدث في عام 2016م. وقد عكفت مراكز قياس الرأي على اتخاذ إجراءات نوعية لاستعادة ثقة الرأي العام في نتائج استطلاعاتها. ومن أجل تهوين الفجوة بين توقعات قياس الرأي ونتيجة الانتخابات الماضية دفع القائمون على مراكز استطلاعات الرأي بحدوث خطأ جعل ترامب دائماً متخلفاً عن هيلاري كلينتون مع تأكيدهم بأن الفارق في النسب كان معقولاً وفي نطاقه الطبيعي.
ويورد أحد المواقع الشهيرة في لاستطلاعات الرأي وهو Five Thirty Eight أن ما حدث حينئذ «لا يزال ضمن النطاق» الطبيعي «للدقة».
ومن أجل فهم ما حدث في استطلاعات عام 2016 بشكل أفضل، اتصل المركز بـ21 من منظمي الاستطلاعات المشهورين لمعرفة كيفية تعديلهم لمنهجياتهم، إن وجد تعديل، وما الذي يقلقهم أكثر بشأن الاقتراع في عام 2020م. أجاب 71 في المائة من المبحوثين بأنهم قاموا ببعض التعديلات بسبب ما حدث في عام 2016م، في حين كان البعض الآخر مدفوعًا في إحداث التغييرات التي أجراها على المنهجية بالتحديات التي تواجه صناعة الاقتراع، مثل معدلات الاستجابة المنخفضة للمكالمات الهاتفية، والتكلفة العالية للاستطلاع عالي الجودة. وقد أجمعت مراكز الاستطلاعات على أنها أجرت تعديلات واتخذت احترازات تجعل من مصداقية استطلاعاتها الحالية أكثر دقة.
وإذا كنا سنعطي وزناً لهذه الوعود فإن بايدن يظهر الأقرب إلى الرئاسة، ومع ذلك فإن الرئيس ترامب لا يستهان به ولا بمريديه. كما أنه متمسك بمخاوفه من التزوير وسوف يطعن في النتيجة إلا إذا كانت فارقة لصالح منافسه كما حصل مع كل من الرئيس نيكسون عام 1972، ورونالد ريجان عام 1980، حيث اكتسحا منافسيهما.
وإمعاناً في الاجتهاد لإحراز دقة في نتائج التوقعات فقد أنجز أحد المراكز 4000 محاكاة للتصويت في الانتخابات، وخلص إلى أن استطلاعاته تميل لصالح بايدن 53 في المائة مقابل 42 في المائة للرئيس ترامب. وتبقى الولايات المتأرجحة التي تستنفذ وقت وجهد الحزبين الجمهوري والديمقراطي هي التي ستقرر الفائز بالانتخابات الرئاسية؛ وهي جورجيا (16 صوتًا)، فلوريدا (29 صوتًا)، أيوا (6 أصوات)، نورث كارولاينا (15 صوتًا)، أوهايو (18 صوتًا)، إضافة إلى عدد من الولايات المهمة التي باتت تميل لأحد المرشحين مثل تكساس وأريزونا وويسكنسون، وميتشجان.
أقول بعض الهتيفة الذين يقارنون ترامب وبايدن بالأهلي والاتحاد أو الهلال والنصر على شبكات التواصل الاجتماعي، ويتوقعون أن من مصلحة بلادنا فوز الرئيس ترامب، أن معهم حقاً، فترامب لا يمثل قيم الحزب الجمهوري، وإنما يمثل قناعته، وهو أول رئيس أمريكي يعترف بفضل السعودية على الاقتصاد المحلي. ومع ذلك فإن السياسة تقتصي عدم استعداء نصف الأمريكيين ونصف الكونجرس، فالرئيس الذي أسس للعلاقة الاستراتيجية مع السعودية ديمقراطي، وهو فرانكلين روزفلت، ومشروع الربيع العربي ولد في عهد الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن، في وزارة الخارجية تحت إدارة كونداليزا رايس، والذي كان مسؤولاً عن الملف هو جاريد كوهين الذي بقي يديره حتى بعد مجيء هيلاري كلينتون. السعودية لديها رصيد من الثقة والسمعة على مدى أكثر من 75 سنة من العلاقات مع أمريكا بشقيها الجمهوري والديمقراطي، وسوف تتعامل بكفاءة مع الرئيس أيا كان حزبه.