إيمان الدبيَّان
يعود أصل كلمة الصناعة إلى كلمة لاتينية تعني الاجتهاد، أو العمل الصعب، وللصناعة أنواع متعددة، ومجالات مختلفة يهمني منها الصناعة المحسوسة، الصناعة غير الملموسة، وهي ما تسمى بصناعة الخدمات؛ أي التي لا تُنتج سلعاً للأسواق، وإنّما تقدم الخدمات بتعاون القطاعين الحكومي والخاص، وتتضمن هذه الصناعة الخدمات المالية، والاستثمار، والخدمات العقارية، والتجارية، وخدمات النقل، والمعلومات، والاتصالات، والخدمات الشخصية، والسياحية، وغيرها من الخدمات التي استهدفتها رؤية 2030 في برامجها، واستراتيجياها فكان من أهم مخرجاتها صناعة خدمة الحج والعمرة في برنامج خدمة ضيوف الرحمن الذي وصف بأنه (إتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين من أداء فريضة الحج والعمرة والزيارة على أكمل وجه والعمل على إثراء وتعميق تجربتهم من خلال تهيئة الحرمين الشريفين، وتحقيق رسالة الإسلام العالمية وتهيئة المواقع السياحية والثقافية، وإتاحة أفضل الخدمات قبل وأثناء وبعد زيارتهم مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، وعكس الصورة المشرقة والحضارية للمملكة في خدمة الحرمين الشريفين. كذلك، سيمثل هذا البرنامج - بالإضافة لما سبق- لبنة لتأكيد علاقة القطاع الخاص ودوره الفاعل في تحسين اقتصاديات القطاع).
نعم إنها صناعة خدمة الحجاج والمعتمرين من الفكرة إلى الذكرى تحت مظلة شركات رائدة تغطي كافة الاحتياجات، وتلبي كل المستلزمات بأساليب عصرية، وأدوات تقنية، فأصبحنا نرى مواسم عمرة مختلفة، وأنظمة حج متحضرة ليست فقط بالتوسعات الميدانية، ولا في أنظمة الطوافة الملغية، وإنما في كامل التحولات الجوهرية برعاية الحكومة الأبية، خُطط مطروحة، وأبحاث مسموحة، وجامعات لإدارة أعمال الحج والعمرة مفتوحة.
من مكة التي أعرفها واستشعر تاريخها شبراً شبراً، ومن دراستي العليا التي لا للتكاسل فيها عذراً، أذكر بعضاً من ملامح صناعة خدمة الحجاج والمعتمرين، تلك الملامح التي تشرق نوراً من أرض الرسالة المحمدية بصناعة سعودية من إصدار تأشيرة القدوم إلى حين المغادرة بتكاتف قطاعات الدولة الأمنية، والصحية، والدينية، والاجتماعية والعلمية، والاقتصادية والسياحية، والثقافية، ولا استغناء عن القطاع الخاص بسلاسل إمداداته، وخدماته الضرورية.
ارسم مخطط موقع شريحة من الحجاج على أوراقي بهندسة مع أدواتي، أطبقها واقعاً على المشاعر وأبحث عن احتياجات المعتمر في سكنه بين نُزلٍ، وشققٍ، أو فندقٍ فاخر، أدرس إمكانية تأمين الوصول، وكيفية وضع خطط الطوارئ في الطلوع أو النزول، أعقد شراكات سياحية، وأخرى ترفيهية لمن يريد التعرف على حضارتنا الثرية، نصنع خدمة لا تعب فيها للحاج ولا نصب، من طائرته إلى سكنه حقائبه قبله تنتظره، وكوادر وطنية ترحب به هكذا تعلمنا، ولمسنا، ورأينا بعضاً من ملامح صناعة خدمة ضيوف الرحمن تغمرهم دوماً روح السكينة والأمان.
الصناعة ثقافة مثمرة إذا كانت بذورها الحب، فكل شيء يصنع بحب يثمر نجاحاً.