مها محمد الشريف
الاتجاهات الصعبة للفترات السابقة والمحايثة للحرب ظلت تسكن طيلة سنوات في تاريخ الإمبراطورية العثمانية، واليوم تكشفت بعض الحقائق عن الجرائم المنظمة التي تقوم بها تركيا لتنفيذ هذه المكونات العثمانية التي تتسارع فيها وتيرة الأحداث من حرب سوريا إلى حرب ليبيا وحرب أرمينيا، وأعطت نتائج نقيضة لتوقعات الكثير، في الوقت الذي يسعى القادة العرب لإيجاد حلول سياسية بين الفرقاء ويأتي هذا التطور في وقت ينتظر الليبيون تفكيك الميليشيات وإخراج المرتزقة والأتراك منها، وفق المساعي والدعوات الدولية والإقليمية.
وعلى مستوى أوسع يفسر المراقبون سر سرعة تركيا في إنجاز مهامها الجديدة بقاعدة الوطية والتجهيز العسكري، لرغبة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في تنفيذ خططه من خلال القاعدة خوفاً من المواجهة وتدمير آلياته، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع فايز السراج، وتحاشياً لأي قرار من الولايات المتحدة يقدم حلاً سياسياً.
لكن ما زالت تركيا تعمل على تمكين الميليشيات وتسليحها، وتطوير قدراتها، وتدريب ميليشيات ليبية على دبابات حديثة، وعمليات بحرية، حيث انطلقت التدريبات في أحد المخيمات العسكرية، شرقي طرابلس، وتشمل ميادين رماية، وقيادة الزوارق الحربية، إضافة إلى التدريب على عمليات إنزال بحري على الشواطئ الرملية والصخرية، كما تتضمن التدريبات التركية في ليبيا استعمال الأسلحة المتطورة، مع استمرار نقل وتهريب السلاح أسبوعياً من تركيا إلى قاعدة الوطية الجوية قرب طرابلس وتنقل إلى مصراته.
لا شك أن ليبيا تواجه أزمات متعاقبة واستغلالاً كبيراً للسيطرة على العقول من أجل تحقيق الأهداف، فالخشية تكمن في تشكيل الواقع والتسليم به، من هنا على العالم التميز بين سرد مقلق للقصص وبين الأعمال التي يتم تحويلها إلى نوايا مصيرية تنتهك سيادة دولة وشعب، والشيء الوحيد الذي يمكن أن نتفق عليه هنا هو أن هناك مخططاً مدبراً أوشك العالم على التسليم به، بداية من نشر الفوضى والعمل على زعزعة الاستقرار في دول المنطقة، إلى احتلال تركي متسلط عبر تبني أساليب واستراتيجيات لأطراف مذنبة ما زالت تعمل دون رقيب.
لقد أصبح ابتذال الشر سياسة يسير عليها الرئيس التركي، لإغراق سبل السلام في جحيم الحرب، التي جلب إليها عدد كبير من الرعناء الطائشين واستغلالهم من أجل تسويق التوترات بلا هوادة في مناطق الصراع حول العالم من الدواعش والمرتزقة وبوجه عام يصعب على الإنسان في أي بقعة من العالم، أن ينظر من نافذته ليرى أولئك الغرباء انتهكوا خصوصيته وسكنوا أرضه والطائرات تحلق فوقه تستبيح أجواء بلاده بكل حرية تحمل المجرمين وقطاع الطرق إلى مدينته دون مقاومة تُذكر، في حقيقة الأمر إذا أعدنا ما يفعله أردوغان لا يتقبله عقل ولا يستنتج له أي معنى إلا احتلال في وضح النهار، هو يعمل جاهداً على تحقيق مشروعاته المنحرفة تنفيذاً لأوامر صدرت تنفيذاً أعمى، فهو محض نظام سياسي حاقد على استعداد أن يفعل أي شيء ضد الدول العربية ويحقق للإخوان دولاً يسكنوها تظل تحت سيطرته.
في هذا المشهد تظهر تجاوزات كبيرة، فهم يوزعون الأدوار بطرق مضللة ويتقبلون الشروط رغم تلقيهم التمويل الكبير من حلفاء الشر، فالبنى المؤسسية تدفع هذه الشخصيات بلا هوادة إلى الهامش وهؤلاء هم أناس على علم بالنتائج الكارثية للنظام المهيمن الذي يدافعون عنه لسنوات، فهم يتصرفون حسب مصالحهم إن سقط النظام هربوا ولن يتم ضبطهم بأي طريقة لقدرتهم على اللحاق بالحمقى من المتطرفين الذين يستخدمون الإحالات الدينية كوحدة قياس لتحديد معاني الممارسات السياسية. وبالرغم من ذلك كله فهي مرحلة مصيرية تُستخدم للحيلولة دون تقدم لإيقاف هذا الاحتلال، ولكن يمضي الفاسدون إلى ما هو أبعد من استغلال النفوذ وهو التأثير السلبي العميق في ما هو أساسي، فيشيع بينهم عدم الثقة والخيانات التي ستدمرهم وتتحول كل الوعود والعهود وتبلى تواريخها واتفاقياتها وعرقلة عملها، فكل العصابات في العالم تتفكك وتنقلب على مموليها وسلطتها القريبة من الجريمة، باعتبارهم عارضاً مرضياً فقد تماماً اتزانه، وعلى العالم إيقاف هذا المشروع الإرهابي.