رقية سليمان الهويريني
على الرغم من أن القضاء السعودي لم يُبْنَ على قواعد عنصرية ليفرق بين زوجين لأجل تكافؤ النسب، وإنما بُني على قواعد وأصول شرعية تتفق مع المنطق ومصالح الناس ولا تعارضها؛ إلا أن فئة من المجتمع السعودي قد عانت من قضايا التفريق بين الزوجين لعدم تكافؤ النسب.
وليس أشد ألماً حين تُجبر امرأة على تفريقها عن زوجها بدعوى عدم التكافؤ وهي ترفض ذلك؛ لأنها ارتبطت به بعقد صحيح وربما أنجبت أطفالاً! ولم يتفق المشايخ حول ذلك؛ فمنهم من يرفض التفريق وفسخ عقد الزواج ومنهم من يؤيده، لدرجة أن الأمر وصل إلى يفسخ ابن عم الزوجة زواجها كحق شرعي.
والحق أن إبطال عقود شرعية صادرة عن رضا المرأة ووليها كدعوى أخ أو غيره أمر يحتاج إلى نظر! والأولى أن يُبنى الحكم على الأصل وهو الكفاءة في الدين للأدلة من القرآن {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، ولاسيما أن الفقهاء اختلفوا في تحديد الكفاءة المشروطة في الزواج، فعدَّ بعضهم أن كفاءة النسب في الزواج ليست من أمور العبادات ولا فرضاً أو مستحباً، إنما هي من مسائل المعاملات والأعراف بين الناس سابقاً حين كان هناك عبيد مملوكون لأسيادهم وفتيات أحرار من هذا القيد، حيث لا تكتمل الحياة الزوجية إلا بالحرية الشخصية.
الجميل هو ما سمعته مؤخراً بإنهاء المحكمة العليا قضايا التفريق وحتى العضل بسبب كفاءة النسب، وقررت المحكمة أن الكفاءة المعتبرة هي في الدين فحسب ونقض ما يخالفه! وأغلقت باب المرافعة في هذا النوع من القضايا، ويعد قرار المحكمة واجب النفاذ حيث هي أعلى سلطة قضائية في المملكة.
ويتماهى هذا القرار مع الأمر الملكي المتضمن عدم اشتمال الأحكام القضائية ما ينافي حقوق الإنسان، واتفاقية مناهضة التمييز العنصري، وكفاءة النسب هي مخالفة لمبدأ المساواة بين المواطنين.
وهذه القضايا العالقة تظهر جمال الدين ويسره وتوضِّح موقفه من العلاقات بين الناس، وهذا القرار التاريخي الحاسم يعتبر قاعدة شرعية لعلاج تلك القضايا.