الدَّلاَّلاتُ (بتشديد الدال واللام الممدودة الأولى) ومفردها دَّلاَّلة وهي المرأة المسنة النشيطة التي تبيع أشياء تحتاجها النساء وربات البيوت، وتتنقل الدلالة بين بيوت الحيّ مشياً على الأقدام في ساعات النهار الوسطى أي من التاسعة صباحاً حتى الحادية عشرة تقريباً وتحمل الدلالة فوق رأسها زنبيلاً من الخوص متوسط الحجم وبداخله كمية من الحناء في كيس من القماش، كما تحضر معها مجموعة مختارة من التوابل، ويحوي زنبيلها بعض ملابس الأطفال وبعض قطع القماش مُعدة للبيع، ولا يخلو زنبيلها من الحلوى والبسكويتات، وبعض الدلاَّلات تجلب معها بعض المجوهرات والإكسسوارات لبيعها على النساء المتواجدات في البيوت.
ومن الطريف أن تجتمع أكثر من دلاّلة في البيت الواحد وفي وقت واحد، كل واحدة تعرض ما لديها من بضاعة على النساء المتواجدات في المنزل.
وتحظى الدلاَّلة عند دخولها بيوت الحي بشرب الشاي والزنجبيل وتناول بعض الورقيات مع ربات البيوت، ولا تسل على تداول الأخبار والقصص و(السواليف) بين تلك النسوة، وكانت والدتي -رحمها الله- تبقي باب بيتنا موارباً في ساعات النهار الأولى ليسهل على الدلاَّلات وزائرات الضحى الدخول إلى البيت دون عناء. وتقوم بعض الدلاَّلات بدور (الخاطبة) فقد تكون لديها خبرة كبيرة بأسماء وأماكن الفتيات البالغات، وكذلك المطلقات والأرامل الراغبات في الزواج.
كما أن بعض الدلاَّلات تقوم بدور الواعظة والمرشدة للنساء في بيوتهن (بيوت النساء)، وتقدم بعض الدلاَّلات خبرتها ومشورتها (بالمجان) لمن يطلبها من نساء الحيّ، وذلك في مجال رعاية الأسرة وتطبيب الأطفال.
ومن الدلاَّلات من تُدعى لتكون (ربعيّة) في ليلة الدخلة في حفلات الزواج، والربعية هي المرأة المسنة التي تجلس عند العروس من العصر حتى حضور الزوج (العريس) في ليلة الدخلة نظير مبلغ من المال متفق عليه سلفاً، وسميت الربعية بهذا الاسم لأنها (تتربع) في جلستها عند العروسة والغرض من ذلك هو أن تأنس العروسة ويذهب عنها الفزع والخوف ليلة زفّتها.
ويضرب الأهالي مثلاً بالشيء الذي يحوي كل شيء بزنبيل الدلاَّلة فيقولون (مثل زنبيل الدلالة).
لقد اختفت الدلاَّلات من حياتنا، وانقطعن عن الطواف على البيوت منذ زمن بعيد.
كانت تلكم لمحة عن حالة اجتماعية اندثرت كانت سائدة في مجتمعنا الطيب المبارك.
** **
إبراهيم بن سليمان الوشمي - القصيم - بريدة
Ibrahim.washmi@gmail.com