د.شريف بن محمد الأتربي
يوافق يوم الخامس من أكتوبر من كل عام يوم المعلم، وهو يوم خاص لتكريم المعلمين. وهناك بعض الدول تعتبر هذا اليوم يوم عطلة، وبعضها يتخذه في أيام العمل. وقد بدأ هذا الاحتفاء منذ عام 1994، وهو بمثابة إحياء لذكرى توقيع التوصية المشتركة الصادرة عن منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام 1966 والمتعلقة بأوضاع المعلمين.
وسؤالي هنا يتعلق بأوضاع المعلمين والطلاب؛ فمعلم وطالب العام 1966 ولا عام 1994، ولا حتى عام 2019 هم نفس المعلمون ولا الطلبة؛ فالتغير الذي حدث خلال هذه الفترات الزمنية القصيرة أحدث دوياً هائلاً في المجتمع التعليمي بكل ما يحمله المصطلح من معان ودلالات، فالمعلم مثلاً دخل عليه تغييرات كثيرة، فلم يعد هو المصدر الوحيد للمعلومة لطلابه، ولا مصدر المعرفة ولا المهارة، فقد شاركه فيها مصادر كثيرة سواء بفعل تطور الأجهزة أو شبكات التواصل؛ ورغم المقاومة الشديدة من قبل المعلمين -لحرصهم على أبنائهم- لهذا التغيير إلا أنه بدأ وسار بسرعة عجز كثير من المعلمين عن اللحاق به، فمنهم من تخلف عن الركب، ومنهم من آثر السلامة واعتزل، ومنهم من عمل بجدية على تطوير نفسه ملتحقاً بدورات تدريبية وقراءات علمية أمكنته من مواصلة القرب من طلابه وليس مقارعتهم، فسرعة التغيير لدى الطلاب تفوق بآلاف المرات سرعة ردود الفعل لدى المعلمين. أما الطلاب، وخاصة في الفترات الزمنية القريبة، فقد أصبحت نظرتهم لمعلميهم بل للمجتمع كاملاً تقريباً نظرة استغراب، فهم يستطيعون الحصول على كل ما يريدون بكبسة زر ودون الحاجة للمساعدة من أحد سواء المعلم أو الأسرة، وهذه النقطة هي نقطة الفصل في حدوث التغيير المذكور، فهم يرون أن معرفتهم تفوق أو بمعنى أدق حصولهم على المعرفة أسهل وأيسر عن طريق أجهزتهم بديلاً عن المعلم والأسرة، في الوقت الذي ما زال المعلم والأسرة يجدان أن هذا التغيير غير صحيح، حيث يمكن التلاعب بأفكار ومعتقدات الطلاب بطريقة سهلة وبسيطة لعدم وجود مرجعية لهم.
ومع ظهور كوفيد 19 والتوجه نحو التعلم عن بعد كانت المشكلة أكثر عمقاً، فالطلاب وجدوا ضالتهم في أجهزتهم، ولكن لا المعلمين ولا الأسرة وجدوا ضالتهم في أسلوب التربية والتعليم. والحل؟ هو أن نسارع لتبني استراتيجية تعليمية تربوية تهدم الفجوة التي اتسعت بين عنصري العملية التعليمية، وطرفها الثالث وهو الأسرة، من خلال استحداث آليات تعليمية أو استراتيجيات تعليمية يكون للمعلم وللأسرة دور بارز فيها، بحيث يشارك الطلاب تعلمهم ويتعلم منهم. ليس من الخطأ أن يتفوق علينا أبناؤنا ولكن الخطأ أن نظل نلقي عليهم اللوم بمفردهم وننسى أننا جزء من المشكلة، وأن إصلاح الخطأ سيأتي منا نحن أولاً، فهم مستمتعون بحياتهم ولا يجدون فيها خطأ.