بكري عساس
يعتبر التعليم عن بُعد، ويسميه البعض التعليم المفتوح، إحدى الطرق الحديثة في نقل المعلومة، ويعتمد على البُعد المكاني بين مصدر المعلومة والمتلقي. ويري البعض أن بداية استخدام هذا النوع من التعليم يرجع إلى زمن نبي الله سليمان عليه السلام حينما قام الهدهد بحمل كتابه عليه السلام إلى الملكة بلقيس وقومها في اليمن، يعلمهم ويدعوهم إلى الإسلام والإيمان.
قال تعالي في سورة النمل، الآية (28): {اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ}.
أما الانتشار الحقيقي للتعليم عن بُعد فكان في بداية السبعينيات من القرن الميلادي الماضي عن طريق بعض الجامعات الغربية، فكانت وسيلة الاتصال بينها وبين طلبتها في البلدان الأخرى بواسطة البريد العادي، فيتم إرسال مواد التعليم، وهي عبارة عن كتب وأشرطة صوتية، وبالطريقة نفسها يقوم الطالب بإرسال الرسوم الدراسية والوثائق وغيرها.
وفي بعض الأحيان تشترط الجامعات حضور الطالب لأداء الامتحان النهائي.
وتطور الأمر في فترة الثمانينيات الميلادية فأصبح التعليم عن بُعد يتم عبر الكوابل والقنوات التلفزيونية، وكانت شبكة الأخبار البريطانية (BBC) هي الرائدة في هذا النوع من التعليم.
وبعد الانفجار المعرفي، والاستخدام الهائل للاتصالات الحديثة وتقنية المعلومات في بداية الألفية الثالثة، أصبح التعليم عن بُعد يتم عبر شبكة الإنترنت، وحل البريد الإلكتروني محل البريد العادي في إرسال المواد والشهادات والوثائق والرسوم، وأصبح بإمكان الطالب أن يؤدي الامتحان عن طريق النت دون عناء السفر إلى مقر الجامعة.
أما في أيامنا هذه فالعالم يعيش عصر الخدمة المتكاملة للتعليم عن بُعد باستخدام ما يسمى بالقاعات الذكية التي تمكّن المحاضر من إلقاء محاضرته في الوقت نفسه على عدد كبير من الطلاب المنتشرين في جميع أنحاء العالم، مع إمكانية مشاركة الطلاب في الحوار والمناقشة.
ومن الناحية الاقتصادية فالكل يعلم العدد الهائل من خريجي الثانوية كل عام، الذي يفوق سعة الجامعات. وقد مكّن هذا النوع من التعليم الجميع، خاصة في أوقات الأوبة والأزمات، من تلقي المعلومة والمعرفة، والحصول على الدرجة دون أي اعتبار للعمر أو الوقت أو الظروف أو البُعد المكاني.
والتعليم عن بُعد في وقتنا الحاضر يُعد إحدى وسائل رفع المستوى الثقافي والعلمي والذهني لدى شرائح المجتمع كافة.
قال الطبيب والشاعر الأمريكي أوليفر ويندل هولمز: «أفضل شيء هو التعلم؛ فالمال يمكن أن يضيع أو أن يُسرق، والقوة قد تزول، إلا ما تودعه في عقلك يبقى ملكك إلى البد».