د.مساعد بن عبدالله النوح
ستقيّم وزارة التعليم قريباً حالة التعليم، إما الاستمرار عن بُعد أو العودة إلى التعليم بالنمط التقليدي أو الحضوري. وقد حددت في بداية هذا الفصل أنها ستجري تقييماً؛ لتحديد حالة الدراسة بعد سبعة أسابيع. وقد نشرت الوزارة في الصحف ومنصات التواصل الاجتماعي تأكيداً على عزم الوزارة على الأخذ بهذه الخطوة المهمة.
والآن، ونحن في الأسبوع الخامس من الدراسة (10 - 16 - 2 -1442). وفيما يلي بعض المؤشرات التي ألمسها كأب - وأكاديمي عن أفضلية الاستمرار في التعليم عن بُعد:
- إحصاءات وزارة الصحة لا تزال تكشف عن تسجيل حالات إصابات جديدة، ولا يزال التسجيل شبه مرتفع. وهذا مؤشر يدعو إلى الاستمرار في الحذر.
- وفًرت الأسر البنية اللازمة للتعليم عن بُعد لأبنائها في المنازل كل وفق إمكاناته، وبالتالي فلا ينبغي أن يوجد قلق من أن بعض الطلاب لم يستفد من مزايا التعليم عن بُعد.
- تكيف الطلاب من الجنسين على مناخ الدراسة عن بُعد، فقد قضوا الفصل الدراسي الماضي وهم يتعاملون من هذا النمط من التعليم، وبالتالي لا يجب أن يتوافر لدى التربويين أي إحساس بقلة ثقة طلابنا من التعليم عن بُعد.
- انقضى جزء لا يستهان به من أسابيع الدراسة في هذا الفصل، ولم يبق إلا القليل من أسابيعه وقد تحددت الاختبارات النهائية لهذا الفصل في بداية شهر جمادى الأولى، وبالتالي العودة إلى مقاعد الدراسة قد يسبب إرباك أسر الطلاب وقيادات المدرسة والطلاب أنفسهم في الاستقبال والتهيئة والاستعداد للاختبارات.
- نجاح الوزارة والمدارس في احتواء تداعيات جائحة كورونا في الفصل الدراسي الماضي رغم وجود بعض الإرباكات، أكسب خبرة للقيادات الإدارية والمدرسية في تلافي جوانب الخلل والقصور في التعليم عن بُعد هذا الفصل.
- صعوبة ارتداء الطلاب الكمامات طيلة اليوم الدراسي، فقد يتحمل الواحد منا وضعه على فمه وأنفه لوقت ثم يترك أي لقاء للتخلص منه.
- التقارب الجسدي فيما بين الطلاب في الفصول أو القاعات الدراسية، قد يتسبب في تزايد حالات الإصابة.
- التعليم الحضوري سيلقي أعباءً على قيادات المدارس ولا سيما المعلمين والمعلمات في متابعة الطلاب وتفقد أحوالهم الصحية.
- معظم طلاب الدراسات العليا في كليات التربية بالجامعات السعودية هم في الأصل من منسوبي الهيئة التعليمية والتدريسية في المدارس وإدارات التعليم، وهؤلاء تلقوا بعض الدورات الإلكترونية عن المنصات الافتراضية والتعليم عن بُعد، وبالتالي لديهم مهارات مشجعة للاستمرار في التعليم عن بُعد.
- قد تتسبب العودة إلى المدارس بعض الإرباك في خطط إدارات المرور وخصوصاً في فترات الصباح والظهر في مدن المملكة ولا سيما التي بها كثافة سكانية، ولا نشك في جاهزيتها للظروف الطارئة، لكنها لو تم استفتاؤها لفضلت الاستمرار في التعليم عن بُعد هذا الفصل وتكون العودة إلى المدارس في بداية الفصل المقبل.
- تمت معالجة مظاهر الخلل في منصة مدرستي بسبب الطلب الاجتماعي العريض عليها باعتبارها المنصة الرسمية للوزارة، وعليه فالمعلمون والمعلمات عبر هذه المنصة ينًجزون التدريس عن بُعد بالوجه المطلوب، وبالتالي لا داعي للقلق من استمرار استخدامها.
- تأكيد معالي وزير التعليم الأستاذ الدكتور حمد آل الشيخ في وقت سابق أن عملية التعليم عن بُعد ستستمر حتى بعد جائحة كورونا، مشيرًا إلى أن هناك مجموعة من الاشتراطات لعودة الدراسة حضوريًا، من بينها أن يعمل كل معلم يوماً دراسياً عن بُعد أسبوعيًا، وأن بعض المواد الدراسية ستتم دراستها عن بُعد. وعليه فالتعليم عن بُعد عبئه سيستمر مع المعلم والمعلمة والطالب والطالبة.
- على الرغم من تشديد كليات تربوية في بعض الجامعات السعودية على أن تكون الاختبارات الفصلية والنهائية لطلاب الدراسات العليا حضورية وفق ضوابط مشددة، فقد وضعت خطط زمنية مشددة لأيام وساعات إجراء هذه الاختبارات والأخذ بالتدابير الوقائية الصحية، وعليه فالعبء الملقى على عاتق الإداريين والإداريات بهذه الكليات ثقيل جداً في الالتزام بإعداد هذه الخطط والدراسة لا تزال عن بُعد، فكيف لوكانت الدراسة حضورية في ظل هذه الجائحة.
هذه قراءة قصيرة لحال الدراسة عن بُعد خلال الفصل الدراسي الحالي، ولا شك أن الأخذ بمرئيات الجمهور المستفيد من التعليم عن بُعد دليل على إيجابية الوزارة، وهذا هو العهد في قياداتها، والمصلحة الوطنية تقتضي علينا كأولياء أمور وأكاديميين وممارسين تجنيب الطلاب الضرر والمحافظة على تجويد العملية التعليمية بما ينسجم مع توجيهات قيادة بلادنا.
وأخيراً لا شك أن تجربة وزارة التعليم في مواجهة هذه الجائحة ستزيد من رصيدها في مواجهة الأزمات، من تعليق الدراسة في ظل بعض الظروف المناخية كالأمطار الغزيرة والرياح المحملة بالأتربة وبعض حالات كسوف الشمس، ومناسبات وطنية طارئة كعقد قمم على مستوى قيادات الدول. حفظ الله بلادنا وأبناءنا من الأزمات على اختلاف أنواعها ومستوياتها.