وأظل كالشجرة.. صامدة في ظاهرها
على الرغم من جفاف جوفها
وأتوهُ في وطن مجهول
أراه خفي الملامح
تلفني عوامل التعرية..
وأنا بين هنا وهناك
جسدي المنهك المرتمي في الغربة
وقلبهُ خلف حدود الأفق..
كثيراً ما كنت أتوجه للسماء وأناجيه
وتحاكيه روحي.. وتتلبسه الملامح
وتشكو له غربة الأيام
وامرأة مؤجلة تسكن أعماقي
كنت أعتبر كل ما هو أمامي ساذجاً
وكنت أراني بنت السلطان، وحكيمة زمانها
كنت أعتقد أن كل شيء يستمد عالمة من روحي..
والنجم يقتبس نورهُ من نوري
والليلُ يتقلد شموعي وأشعاري
كنت أعتقدُ أنني هكذا
وأهيمُ في الدنيا
تتساقط أيامي
وأجنيها أحلاماً وردية.. وقناديل فرح
لكنني اكتشفت من هذا الطريق وتحت زخات مطر المقل
أنني امرأة مؤجلة.. لا كيان لها ولا روح
تركلني الأيام والسنون خلف أسوار الظلمة والألم
تحرق أيامي وتتلذّذ بضياعي
تتركني أركض وراء زمن لا جدوى منه.. علني أعودُ كما كنت أتخيل وأهيم
بحثت ملياً عن سبب.. سألت كل شيء حولي.. خطواتي المتناثرة في وطني
والتائهة هنا على أرصفة الغربة
سألت كل من هم حولي.. حتى طبيبي
الذي كان عند كل لقاء ينهال علي بوابل من اللوم والعتاب
تأملت كثيراً ....
علني أجد سبباً لجفافي وشحوبي..
هل هو لأنني أعيش واقعاً مليئاً بكل ما في الحياة وتصادمها مع أحلامي وخيالاتي!
أريد أن أرفع القناع الذي ألبستنيه الأيام
كي يبكي المهرجون ويذوب أحمر الشفاه
وتتلوَّن بهرجتهم بدم الحياة في قلبي
أريد أن أولد من جديد..
في زمن ومشوار آخر
مع مخلوقات أخرى
حقاً.. تلك هي الرغبة التي تساورني الآن
إنني بركان من الوجد يتلظى
أريد أن أنزف الحمم.. كي تختلط بيباس الأرض وجفاف لحائي
أريد أن أسميها ناراً تذيب كل ما هو جامد في الحياة وقلوب البشر
تحرقهُ وتلونه بلون النار والدم
أنا الآن أوافق
نعم.. أوافق أن أكون امرأة مؤجلة
بشرط..
أن أولد من جديد.. وفي عالم آخر
** **
- ليالي السبيعي