عند تأمل تلك الجدلية التي تنتظم في عقدها العلاقة الثنائية بين آدم وحواء؛ فسنجد أنفسنا وكأننا ندخل في دهاليز عوالم يختلط فيها التعقيد والتقارب والتنافر والتماثل والتضاد. فمنذ القدم كانت حواء هي الشريك وهي القرين الحياتي التي لا يكتمل عقد الحياة الاجتماعية لآدم إلا بها.
نعم قد يصرخ آدم منها وربما ترتفع عقيرته بالشكوى من صنيعها، وأحياناً قد يستمطر عليها اللعنات، لكن ما أن تحل عليه هدأت الغضب وتذهب عنه شياطين الجن والإنس، ويخلو لذاته وعقله الفاعل، إلا ونجده قد حن لها وأضحى يتمنى حضورها الآني.
فهي من لن يكتمل بهاء الحياة إلا بحضورها، ومن لن تكون للحظة لذة وجود إلا بها فهي الحبيبة وهي الزوجة الشريكة، وهي فوق ذلك من تدفعك للأمام في مدارات التميز ومجالات النجاح، في حين تكتفي بالجلوس في ركن قصي تدعو الرب لك كي يحقق لك أمانيك الخيرة ويحول أحلامك الدنيوية إلى واقع إجرائي ملموس.
بيد أننا لو تأملنا لحظات مفصلية بعينها من تاريخ وجودية الإنسان في عالمنا هذا المكتنز بالصراعات والتنافسية والتسابق لتحقيق الكسب المادي والمعنوي الذي قد يتحقق بعضه أحياناً على حساب المثل والفضائل، فسيبرز لنا من مجمل ذلك ومضات حياتية ذات مسحة بشرية ترسم لنا لوحات حياتية يتموضع في زواياها شخص «آدم»وشخص قرينته «حواء».
وهو توضُّع ليس بالضرورة مما يندرج في مربعات التوافق، بل هو أكثر من ذلك فقد يتجاوز ذلك الأمر ليأخذ بأيدينا لنطل معه على مجالات حياتية رحبة نرى فيها آدم وحواء في صورهما الطبيعية التي تخلوا من الرتوش، ويتمظهر لنا الإنسان وهو يتعاطى مع الآخر من منظور الإنسان المخلوق حين تكون ردات فعله هي استجابات لمثير ولّده الطرف الآخر في هذه الجدلية المعيشية التي ندعوها بلعبة الحياة.
ولنا في الأنموذجين الأدبيين التاليين اللذين سأعرضها لهما ويمثلان حالات تجاذب وتضاد بين «هو» و»هي»، دعوة مفتوحة مُثلى لنا كقراء للتأمل في تلك التعقيدات الحياتية الزوجية التي إما أن تصنع أديبًا، وإما أن تسارع بمواراته ثرى رمسه.
** **
- د. حسن مشهور